مقتطفات | بيان الحكم نسبة أمر إلى أمر | د. علي العمري

بسم الله الرحمن الرحيم

الإنسان في هذه الحياة أول ما يدركه هو (المفردات)، الطقل الصغير أول مايدرك أمه، (الأم مفرد)، يدرك مثلاً وجوده (الوجود مفرد)، يبدأ الإنسان في هذه الحياة إدراك المفردات، ثم كلما نمت مدارك الإنسان يبدأ الإدراك يزداد تعقيداً، فيستطيع بعد مدة من الزمن – وهذه المدة هي مدة بسيطة –  الطفل الرضيع سيبدأ بالإدراك، وهو إدراك (المُركّبات)، سيركّب الإنسان علاقات بين هذه المفردات التي أدركها.

  • مثلاً الطفل الصغير سيدرك أمه، ثم بعدة مدة من الزمن سيدرك معنى آخر مقترن بالأم (الشبع، الاطمئنان..)، سيدرك في الأب (الخوف، الرجولة، الشدة..)، سيبدأ الإنسان يربط في العلاقات بين الوجود، هذه المرتبة إدراك الإنسان لها هو أول تمييز للنفس الناطقة عن سائر النفوس الحيوانية، النفس الناطقة قادرة أن تربط وتشكل نِسَب بين الموجودات، بل هذا أصلاً هو أخصّ وصف لك كإنسان ناطق، قادر أن تربط بين الوجود، ثم بعد ذلك هذا الربط سيأخذ أشكالاً مختلفة، وسيكون بوسائل مختلفة، لكن في النهاية الذي يجمع كل هذا هو الربط بين هذا الوجود، بمعنى آخر تشكيل نِسَب بين هذه الموجودات، أخص وصف لك كإنسان وهذا ينبني على ما قلناه في الدرس الماضي أن مفهوم أهل السنة والجماعة أصلاً قائم على إدراك نسب بين العالم وبين خالق لهذا العالم، بين العالم بأفراده معاً.
  • مثلاً: أنا أدركت وجودي (هذا مفرد) وأدركت وجودك (وهذا مفرد)، هل أستطيع أن أنسب وجودي إلى وجودك؟ ما هي النسبة بين وجودي ووجودك؟ مثلاً الجسمية.

ما معنى الجسمية؟ نظرت في وجودين اشتركا في أمر معين، فأنسب هذا الأمر المعين (الجسمية) إلى وجودين.. الحدوث، الافتقار، إدرك وجود الله سبحانه ووجود العالم، فأُثبت الافتقار من الله إلى العالم والعكس.. هذا المعنى يسمى الحكم (نسبة أمر إلى أمر). هذا الذي كل حياتنا ستدور فقط في هذه المسألة، أن ننسب أمور إلى أمور، من ولادك إلى موتك، حياتك عبارة فقط طلب نسبة أمر إلى أمر..