مقتطفات | الحكم العقلي هو ما ليس وضعياً أو عادياً | د. علي العمري

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • ما هو الحكم العقلي؟

مالم يكن حكماً عادياً ولا حكماً وضعياً، أو بمعنى آخر: مالم يكن حصوله متوقفاً على وضع واضع أو على تكرارٍ حسيّ.

  • مثال مشهور: (الواحد نصف الإثنين) إدراكك لهذا الأمر هل احتاج منك إلى تكلف؟ لا.. التكلف هنا سيكون في إدراك معنى الواحد، وإدراك معنى الإثنين، ربما نحن لا نعرف هذا المعنى.

إدراك أن الجسم إما متحرك أو ساكن، ينبغي أولاً أن تدرك ماهو الجسم، ماهي الحركة، ماهو السكون، إذا أدركت هذه المفاهيم الثلاثة إذن العقل سيصدق مباشرة أن الجسم إما متحرك أو ساكن.

هذه الأحكام تسمى أحكاماً عقلية، فإدراكها الأصل فيها أنه يحتاج إلى نظر إن كان الحكم نظرياً، وإلى التفات إن كان الحكم ضرورياً.

  • الواحد نصف الإثنين هل إدراكنا لها كان بالحواس؟ الأصل لا ليس بالحواس.
  • إدراكك الواحد نصف الإثنين، هل ثبت هذا الحكم بسبب التكرار؟ لا، بل أصلاً لو لم يخلق الله العالم سيكون الواحد نصف الإثنين، فهو أصلاً ليس محتاجاً إلى تكرار، هذا الحكم ثابت بدون تكرار.
  • كيف ندركه؟ بمجرد التفات العقل إلى معنى الواحد ومعنى الإثنين، بمجرد فهم معنى الواحد وفهم معنى الإثنين سندرك أن الواحد نصف الإثنين، أو الجزء أصغر من الكل، أو الكل أكبر من الجزء، هذه المعاني ندركها فقط بالتفات العقل إلى معانيها، هذه تسمى أحكاماً ضرورية.

القسم الثاني من الأحكام العقلية لا يكفي فيه مجرد الالتفات، بل يفتقر الحكم إلى بحث ونظر، فتسمى أحكاماً عقلية نظرية، مثالها: وجود الله سبحانه وتعالى.

وجود الله سبحانه وتعالى هو حكم عقلي  قبل أن يكون حكماً شرعياً. هذا الحكم العقلي هل يُدرك بمجرد الالتفات؟ لا.

تكلمنا في الدرس السابق عن أن المتكلمين لم يعتبروا دليل الفطرة، إذن الله عزوجل موجود أم ليس موجوداً؟

لا يكفي فقط أن تلتفت إلى معنى الله سبحانه وتعالى لتقول أنه موجود، هذا هو دليل الفطرة، نحن قلنا أن (الله سبحانه موجود) قضية موجبة، والقضية الموجبة ثبوتها يتوقف على ثبوت موضوعها، هذه المسألة ستأتي إن شاء الله لاحقاً، خلاصتها:

كل قضية موجبة لا تستطيع أن تحكم بثبوتها إلا إذا حكمت بموضوعها، (الله موجود) موضوع القضية هو الله تعالى، فلا تستطيع ان تحكم بهذه القضية إلا إذا أثبتَّ وجود الله سبحانه وتعالى، فلا تثبت وجود الله من مفهوم الله تعالى، بل تثبت وجود الله بسبب قيام دليل قطعيّ عقليّ أنه موجود سبحانه، هكذا تُثْبَتُ الأحكام النظرية.

فأصبح الحكم الذي يُدرك بدون تكرار وبدون افتقار إلى حواس وبدون افتقار إلى من يضعه لنا، كما قلنا: الواحد نصف الإثنين، هل لأن الله وضع لنا هذا الحكم! بل هو ثابت..

هذه الأحكام تسمى الأحكام العقلية.