مقتطفات | إيمان المقلد مقبول أم غير مقبول؟ | د. علي العمري

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • يقول الإمام السنوسي رحمه الله:

واستشكل القول بأن المقّلد ليس بمؤمن، للسبب الذي ذكره الشيخ يونس في أول الدرس (لأنه يلزم عليه تكفير أكثر عوام المسلمين، وهم معظم هذه الأمة، وذلك فيما يقدح فيما عُلمَ أن سيدنا ونبينا محمد ﷺ أكثر الأنبياء أتباعاً، وورد أن أمته المشرفة ثلثا أهل الجنة) – إذن الإشكال واضح، إذا كان إيمان المقلد غير مقبول، أغلب الأمة مقلدة إذن أغلب الأمة إيمانها غير مقبول – وأُجيبَ بأن المراد بالدليل الذي تجب معرفته على جميع المكلفين هو الدليل الجُمليّ، وهو الذي يُحَصِّلُ للمكَلَّف العلم والطمأنينة بعقائد الإيمان، بحيث لا يقول قلبه فيها لا أدري سمعتُ الناسَ يقولون شيئاً فقلته .

واضح من هو المقلد عند السنوسي! الذي سئل عن عقيدته قال سمعت الناس يقولون فقلته، هل مثل هؤلاء المقلدين موجودون في هذا الزمان؟ نعم موجودين، كم نسبتهم؟ أنا أدرس علم الكلام من 18 سنة لم أرَ إلا واحداً، لا أدري هل رأيتم أنتم أم لا، لكن أشك أنكم سترون مثل هذا، فالذي سئل عن العقيدة قال سمعت أهلي يقولون قولاً فقلت مثلهم، وأنا لا أعرف أي شيء (هذا وكأنه غير موجود، وإن وجد فهو نادر جداً جداً)، وإن وجد ما الفرق بينه وبين النصراني أو اليهودي أو الملحد! طبعاً كلامنا هنا عن المقلد النصراني والمقلد اليهودي والمقلد الملحد، الذي نشأ في بيئة ملحدة فأصبح ملحداً، فلم ينظر، كلهم ليس عندهم المعرفة، وكلهم ليس عندهم جزم بأي شيء، فكيف بعد ذلك نقول في الآخرة هذا خالد في الجنة وهذا خالد في النار، طبعاً هذا لا يعقل.

  • قال ولا يُشترط معرفة النظر على طريقة المتكلمين، من تحرير الأدلة وترتيبها، ودفع الشبهات الواردة عليها، ولا القدرة على التعبير عما حصل في القلب من الدليل الجمليّ.

لاحظوا يقول الإمام السنوسي هنا: المطلوب أولاً الدليل الجُمليّ فقط، بعد ذلك حتى الدليل الجُمليّ هل كل مكلف قادر أن يعبّر عن الدليل الجملي الذي حصل في نفسه، قلنا الدليل الجملي البسيط جداً جداً لو حصل في نفسك ولا تستطيع أن تتكلم به هل إيمانك مقبول أم لا! قال نعم مقبول، فالمطلوب حصول الدليل الجملي في نفسك حتى وإن لم تستطع أن تقوله، بمعنى أنه إذا سُئلتَ ما الدليل على وجود الله؟ تقول أنا عندي دليل ولا أعرف أن أعبّر به، عندك دليل وهذا الدليل هو سبب جزمك هذا يكفي.

بناءً على كل هذا التفصيل كم نسبة الذين سيُكفرهم السنوسي؟ تكاد لا تُذكر.

  • قال ولا شكّ أن النظر على هذا الوجه غير بعيد حصوله لمعظم هذه الأمة، بل أو لجميعها، فيما قبل آخر الزمان الذي يُرفع فيها العلم النافع، ويكثر فيه الجهل المضر، ولا يبقى فيه التقليد المطابق، فضلاً عن المعرفة عند كثير ممن يُظنُّ بهم العلم، فضلاً عن كثير من العامة.