مقتطفات | إذا تسلط الحس على العقل فسدا | د. علي العمري

بسم الله الرحمن الرحيم

  • من المخوّل بإدراك السبب؟

إذا قلت الحواس هنا سبب الخلط؛ لأنك لا يمكن أن تصدق بالمعجزات بهذه الصورة.

لاحظوا أن الحواس أدركت فقط الاقتران، أما سبب الاقتران فهذا أمر ليس حسّياً، هذا أمر معقول وليس محسوساً.

أنت تدرك نار وهذه النار معها إحراق – رأيته بعيني – هل النار هي سبب الإحراق؟ ما مدركية الحس في إدراك هذه الأحكام؟

هذه الأحكام لا تُعلم بالحواس قطعاً لأمرٍ بسيطٍ:

  • هل السبب أمر مرئي؟ هل السببية مفهوم حسّيّ؟ 

لا.. السببية مفهوم عقلي وليس مفهوماً حسيّاً.

  • وبالتالي لو سألناكم: هل النار محرقة، أم ليست محرقة؟

أول مراتب الجواب على هذا السؤال إدراك أنّ السببية ليست مفهوماً حسيّاً، إذن لا يُحكم بالأحكام العادية في محل السبب (في محل طلب السبب لا تُطلب الأحكام العادية)، بل في محل السبب تُطلب الأحكام إما العقلية أو الشرعية، ربما لا نُدرك السبب فيأتينا الشارع ويخبرنا من هو السبب، وهذا هو جهة الخلط الرئيسي التي بسببها ظهرت كثير من الأفكار المنحرفة المبتدعة من هذه الحيثية تحديداً، (حيثية إعطاء الحسّ دور العقل)، وبالتالي إذا تسلّط الحس على العقل فسد الحس والعقل؛ لأن الحسّ سيتصرف فيما ليس من ملكه، وهذا هو أصلاً تفسيرنا لمفهوم الظلم، ولذلك ستجدون في القرآن الكريم كثيراً ما يُخاطب الكافرين بأنهم ظالمون، لماذا ظلموا أنفسهم؟ وضعوا قوى أنفسهم في غير محلها، ووضع الشيء في غير محله ظلم.

  • هنا يقول الإمام السنوسي: (فهذا حكم عادي إذ معناه أن الإحراق يقترن بمسِّ النار في كثير من الأجسام لمشاهدة تكرر ذلك على الحس.

الحس حكم بالاقتران..