مسُّ المصحف وقراءته لغير المتوضئ؟ (حنفي)

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما حكم مس المصحف لغير المتوضئ، وهل يشترط الوضوء لقراءة القرآن من الهاتف؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛

الشق الأول من السؤال: ما حكم مس المصحف لغير المتوضئ؟

      لا يجوز للمُحْدِث (غير المتوضئ) مسُّ المصحف على غير طهارة لقول الله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا ‌الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]  ولقول النبي صلى الله عليه وسلم  كما في الكتاب الذي كتبه لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «أَنْ ‌لَا ‌يَمَسَّ ‌الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» [1]

كما لا يجوز مس الورق المكتوب فيه عند تقليب الورق، كما لا يجوز مسّ شيء مكتوب فيه شيء من القرآن كلوح أو درهم أو غير ذلك إذا كان آية تامة؛ وسبب ذلك أن تعظيم القرآن واجب، وليس من التعظيم مس المصحف بيد حلَّها حدثٌ. [2]

وأجاز الفقهاء مسّ المصحف بغلافه المنفصل عنه أو بشيء ثالثٍ يكون بين الغلاف والقرآن كالقفاز أو قطعة قماش، المهم أن لا يحصل المسُّ المباشر للمصحف دون طهارة. [3]

ملحوظة: 
      حتى لو كان المصحف مجلداً أو مغلفاً بغلاف متصل به لا يجوز مسه دون طهارة؛ لأن الجلد تبع للمصحف، أما لو انفصل الغلاف أو الجلد عنه فيجوز.

 أما الشق الثاني من السؤال: هل يشترط الوضوء لقراءة القرآن من الهاتف؟

      الطهارة من الحدث الأصغر (عدم الوضوء) لا تشترط لقراءة القرآن، وإنما تشترط الطهارة لمس القرآن لا غير؛ لأن الحدث الأصغر لا يمنع من ذكر الله عز وجل؛ فالحدث حل في اليد دون الفم، بخلاف الحدث الأكبر فإن الجنابة حلت الفمَ واليدَ [4] وعليه فيجوز قراءة القرآن من الهاتف دون وضوء، بل ويجوز حمل الهاتف أثناء التلاوة، وإنما المنهي عنه مس القرآن المكتوب على شاشة الهاتف لا غير، فلا يجوز تقليب صفحات القرآن على الهاتف بالإصبع مباشرة دون طهارة، ويجوز باستعمال القلم الإلكتروني المرتبط بالهاتف أو الجهاز اللوحي.

وأخيراً:
إن مراعاة هذه الأمور المتعلقة بتعظيم كتاب الله تعالى تُظهر مدى التزام العبد بحقوق الربوبية لله تعالى، كما تدلل على مدى تقوى العبد وتعظيمه لشعائر الله، وصدَق الله إذ يقول: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ ‌شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أنس لموسى، وراجعها الشيخ فراز رباني.


الشيخ أنس الموسى عالم إسلامي من مواليد سورية حماة 1974م. حاز على إجازة في الحديث الشريف من جامعة الأزهر، وماجستير من جامعة يلوا في نفس التخصص، فضلاً عن أنه مجاز في الهندسة من جامعة دمشق. تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ بكري الطرابيشي، والشيخ أديب الكلاس، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، وغيرهم…
لديه خبرة واسعة في تطوير التدريس والمناهج في المعاهد الإسلامية في سورية وتركية وغيرهما…
يقوم بالإقراء بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ومدرس لمختلف العلوم الشرعية في كثير من المعاهد الشرعية، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] موطأ مالك (680).
[2] بدائع الصنائع للكاساني (1/ 33).
[3] الهداية في شرح بداية المبتدي، المرغيناني (1/ 33)؛ المعتصر الضروري شرح مختصر القدوري ص62.
[4] المعتصر الضروري ص62.