ما هي مبادئ الأدب وفق منهج السنة النبوية؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما هي مبادئ الأدب وفق منهج السنة النبوية؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

تعددت أقوال العلماء في بيان أمهات الأخلاق وأصولها، فمنهم من قال: هي الحكمة والشجاعة والكرم. ومنهم من قال بأنها: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل.  ومن أهل العلم من يبدل الحكمة بالصبر، ومنهم من يبدل الحكمة بالاعتدال، والعفة والأمانة.

وجعل الحافظ ابن حجر  أمهات الأخلاق في الشجاعة والجود والحكمة. وابن حزم الظاهري جعل أصول الفضائل أربعة، وعنها تتركب كل فضيلة، وهي: العدل والفهم والنجدة والجود.

بعض الأدلة من السنة تدلل على هذه الأخلاق

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: ”كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ“، وَقَال: ”وَجَدْنَاهُ بَحْرًا“. [صحيح البخاري (2820)]

وعن جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مَقْفَلَهُ (زمان رجوعه)مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ (شجرة من شجر البادية ذات شوك)، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: ”أَعْطُونِي رِدَائِي، لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ (كل شجر عظيم له شوك) نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا“. [صحيح البخاري (2821)]

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصدق: « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ‌فَإِنَّ ‌الصِّدْقَ ‌يَهْدِي ‌إِلَى ‌الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا .». [صحيح البخاري (2607)]

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الأمانة: «‌آيَةُ ‌الْمُنَافِقِ ‌ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ.». [صحيح البخاري (6095)]

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عن السماحة التي هي من ‌أصُول ‌الْأَخْلَاق أيضاً: «‌رَحِمَ ‌اللهُ ‌رَجُلًا، ‌سَمْحًا ‌إِذَا ‌بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى.». [صحيح البخاري (2076)]

وأخيرًا: لا شك أن العفة تحمل الإنسان على اجتناب الرذائل والقبائح في الأقوال والأفعال، وتحلّي صاحبها بالحياء، وتمنعه من سيء الأخلاق كالفحش والبخل …

كما أن الشجاعة تحمل الإنسان على عزة النفس، وإيثار معالي الأخلاق والشيم، وعلى البذل الذي هو في حقيقته شجاعة النفس وقوتها في مفارقة ما تتعلق به النفوس من حب المال.

كما أن الشجاعة تحمل صاحبها على كظم الغيظ والتحلي بالحلم، كما قال المصطفى صلي الله عليه وسلم: «‌لَيْسَ ‌الشَّدِيدُ ‌بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ.». [صحيح البخاري (6114)]

 والعدل يحمل صاحبه على التوسط في أخلاقه فيكون يكون وسطاً عدلاً  بين الإفراط والتفريط، والإمساك والتقتير،  وبين أن يكون الشخص ذليلاً، وبين أن يكون متجبراً،  وبين الغضب والمهانة، والجبن والتهور.

وأختم بما قال حكماء الإسلام: للإنسان قوى ثلاث: عقلية وكمالها الحكمة، وشهوية وكمالها الجود، وغضبية وكمالها الشجاعة». [الشيخ زكريا الأنصاري، منحة الباري بشرح صحيح البخاري (5/ 634)]

والله تعالى أعلم

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.