ما هي سنن النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع الياقتي  

السؤال

ما هي سنن النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم؟

الجواب

 

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين و بعد :

دلنا الحبيب صلى الله عليه و سلم على جملة من السنن و الآداب المهمة في موضوع النوم و الاستيقاظ ، منها ما يتعلق بالإجراءات الاحترازية و الوقائية قبل النوم : كإدخال الأولاد و إغلاق الأبواب و تغطية الأواني و إطفاء المصابيح و مصادر النار أو ما يمكن أن يسبب خطراً ما كما هو حال بعض أنواع المدافئ التي قد تسبب الحريق أو الاختناق مع التسمية عند ذلك ثم الوضوء كوضوء الصلاة ثم نفض الفراش  التأكد من نظافته مما قد يؤذي من حشرات أو غير ذلك. و من السنن و الآداب أثناء الاضطجاع : الاضطجاع على الشق الأيمن باتجاه القبلة و وضع اليد تحت الخدِّ ، ثم قراءة الأدعية المأثورة و آية الكرسي و سورة الإخلاص و المعوذتين و الأذكار و التسبيحات التي تقال بعد الصلاة . و من الآداب و السنن بعد الاستيقاظ :ذكر الله بأي صيغة، و الأفضل الدعاء المأثور ” الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك” ثم  الوضوء، ومن ثم الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً. هذه أهم الآداب و السنن و الله أعلم

 

البيان و التفصيل :

 

إن من أعظم ما يميز هذه الشريعة العظيمة شموليتُها لجميع نواحي الحياة، و منها الأمور الاعتيادية و الحاجات الفطرية، فقد جاءت لتنظمها و لتضبطها بميزان الاعتدال و الوسطية، و لتبعدها عن الغريزية و مشابهة باقي المخلوقات، فسنت لها سنناً ، و وضعت لها آداباً و أحكاماً ، من التزم بها كانت في حقه عبادةً يؤجر عليها فـ ” إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى” كما أخبر الحبيب المصطفى، صلى الله عليه و سلم، و هذا ما يميز هذه الشريعة عن غيرها من الشرائع و الثقافات و الحضارات الأخرى ..
ومن هذه الأعمال الاعتيادية والحاجات الفطرية، النوم و الاستيقاظ ، فقد سنّ لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم جملةً عظيمة من الآداب وأمرنا أن نربي أولادنا عليها

– وهذه جملة من أهم الآداب والسنن التي دعانا إليها صلى الله عليه وسلم في موضوع النوم و الاستيقاظ ، سأذكرها مع أدلتها، ثم سأضع الخلاصة فيها ،وكيفية تطبيقها ،وتربية الأولاد عليها والعمل بها، إن شاء الله تعالى.

فعن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
 ” خمّروا الآنية و أوْكُوا الأسْقِية و أجِيفُوا الأبْواب و اكْفِتُوا صِبيانكم عند العِشاء؛ فإن للجن انتشاراً وخَطْفَةً، وأطفئوا المصابيح عند الرُّقاد؛ فإن الفُوَيْسِقَة ربما اجْتَرَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت “(1)

 

مفردات الحديث : خمروا : غطّوا.

أوكوا : اربطوا فتحة الوعاء وسدّوها.

  أجيفوا الأبواب: أغلقوها.

اكفتوا صبيانكم: ضمّوهم إليكم وأدخلوهم البيوت.

  الفويسقة: الفأرة.

وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

 ” إذا أوى أحدُكم إلى فراشِه فليأخذْ دَاخِلَة إزارِه؛ فليَنفُضْ بها فراشَهُ وليُسمّي الله؛ فإنَّه لا يعلمُ ما خَلَفَهُ بعدَه على فِراشِه ، فإذا أرادَ أن يضطجعَ فليضطجعْ على شِقِّهِ الأيمنَ وليقلْ ” سبحانك اللهم ربي، بكَ وضعتُ جنبي وبكَ أرفعُهُ، إنْ أمسكتَ نفسي فاغفرْ لها، وإن أرسلتَها فاحفظْها بما تحفظُ بِه عبادَكَ الصالحين”(2)

 داخلة: طرف الإزار أو الثوب.

وعن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم:

«إِذَا أَتَيتَ مَضْجعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَن، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوضْتُ أَمْرِي إليكَ، وأَلْجَأتُ ظَهرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً وَرهْبَةً إليكَ، لا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَاّ إليكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ، فإنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» قال: فرددتهن لأستذكرهن فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، فقال: قل آمنت بنبيك الذي أرسلت» (3) .

وعن حُذَيْفَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ:

«اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أمُوتُ وَأحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ». رواه البخاري.. وفي رواية الترمذي :

” اللهم قني عذابك يوم تجمع أو تبعث عبادك” (4) .

و عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:

«يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ، انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلَاّ أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ. (5) .

و روى مسلم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه : ( رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستيقظ -صلى الله عليه و سلم- فتسوَّك وتوضأ، ….  فخرج إلى الصلاة ) (6)

 

  – فيما يلي الترتيب العام لأهم آداب النوم والاستيقاظ الواردة في الأحاديث:

 

أولاً_ قبل الاضطجاع :

1.   الحرص على عدم ترك الأولاد في الشوارع والطرقات إلى وقت متأخر

2.    إغلاق الأبواب والنوافذ وإطفاء المصابيح وكل ما يمكن أن يسبب خطراً

3.    تغطية أواني الطعام والشراب ووضعها في مكانها المخصص

4.    الحرص على الوضوء قبل النوم

5.    التأكد من نظافة الفراش وعدم وجود ما يؤذي فيه من حشرات أو غير ذلك.

6.    تسمية الله تعالى بأي صيغة كانت

 

ثانياً_ بعد الاضطجاع :

7. الاضطجاع على الشق الأيمن باتجاه القبلة ووضع اليد تحت الخد.

8. أن يذكر الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم وهو: ” اللهم باسمك أموت وأحيا، سبحانك اللهم ربي، بك وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ، اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت”
و يستحب كذلك قراءة آية الكرسي مع سورة الإخلاص و المعوذتين و بعض الأذكار الواردة كالتسبيحات الواردة بعد الصلاة “سبحان الله 33″ و ” الحمد لله 33″ و ” الله أكبر 33 ” و تمام المئة ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير”

 

 ثالثاً_ بعد الاستيقاظ  :

9. ذكر الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم عند الاستيقاظ وهو: ” الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك”

10. الوضوء و السواك ومن ثم الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً.

بناء على ما سبق :

ينبغي لنا و لك أخي المسلم أن نحرص على تطبيق هذه الآداب العظيمة، و أن نربي أبنائنا -كذلك- على التمسك بها من خلال وضع برنامج أسبوعي، كأن نعرض عليهم في كل أسبوع حديثاً أو سنةً من سنن النوم و الاستيقاظ، و ندربهم على حفظها و على تطبيقها على مدار أسبوع كامل، و هكذا في كل أسبو ع حديث أو سنة .. حتى إذا ما اكتملت هذه الآداب و السنن وضعنا خلاصة هذه الآدب في ورقة، و وضعناها في مكان بارز في غرفة النوم أو بجانب السرير مثلاً ، ليتذكرها الأولاد و يعملوا بها دائماً ، و الله أعلم

 

 

 

المصادر و المراجع :

1- صحيح البخاري : رقم ( 3069 )، و صحيح مسلم :  رقم (3755)
2- صحيح البخاري : رقم ( 6844 )، و صحيح مسلم :  رقم (4889)
3- صحيح البخاري : رقم ( 5836 )، و صحيح مسلم :  رقم (4884)

4-  صحيح البخاري: رقم (5839 ) ، و سنن الترمذي : رقم ( 3320 )
5- صحيح البخاري : [2\65] ، رقم (1142)، و صحيح مسلم :  [2\187]، (776) .
6- صحيح مسلم : رقم (763).