ما هي تكبيرات التشريق؟ متى تشرع ؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

ما هي تكبيرات التشريق؟ متى تشرع ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من رحمة الله بعباده وإكرامه لهم سبحانه أن هيأ لهم فرصاً ومناسبات في أيام زمانهم يكون الوصول فيها أسهل و ثوابها أجزل و أفضل ، قال سبحانه: (وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا) [الفرقان: 62] فهناك مواسم ومناسبات يكون الوصول والدخول على الله سبحانه وتعالى في هذه المواسم بمواهب وهدايا ولطائف في يوم أو ليلة بلمحة خاطفة من خفايا لطفه سبحانه، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا »([1]) ومن هذه المواسم أيام التشريق و عشر ذي الحجة فما هي أيام التشريق ؟

أيام التشريق – عند اللغويين والفقهاء – ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، وسميت أيام التشريق لأن الحجاج يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها ويقددونها..

ولهذه الأيام أسماء أخرى نبينها لئلا يقع الإشكال فيها فتسمى :

1) الأيام المعدودات : ( وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰت ) [البقرة: 203]

2) والأيام المعلومات : (وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ ) [الحج: 28] قيل : هي أيام التشريق ، وقيل : هي يوم النحر ويومان بعده ،

3) أيام النحر : و هي ثلاثة : العاشر والحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة ، وذلك هو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة ؛

وذهب الشافعية إلى أن أيام النحر أربعة: يوم النحر وأيام التشريق  لما روى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َقَالَ : «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ»([2]).

4) أيام منى : والفقهاء يعبرون بأيام منى تارة ، وبأيام التشريق تارة أخرى . ([3])

ما أفضل هذه الأيام؟

أفضلها أولها وهو يوم القَرّ لأن أهل منى يستقرون فيه ولا يجوز فيه النفر وفي حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  :« أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرّ»([4]).

 ثم يوم النّفْر الأول وهو أوسطها،

ثم يوم النّفْر الثاني وهو آخرها قال الله تعالى: ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) [البقرة: 203].

يشرع في هذه الأيام الإكثار من ذكر الله تعالى، والاستعانة على ذلك بالأكل والشرب، وكذلك يشرع فيها التضحية من بهيمة الأنعام فهي أيام عيد وفرحة وسرور.

ما أنواع الذكر المأمور به في هذه الأيام؟

ذكر الله عز وجل المأمور به في أيام التشريق أنواع متعددة:

منها: ذكر الله عز وجل عقب الصلوات المكتوبات بالتكبير في أدبارها للحاج وغيره

و منها التكبير في أيام التشريق مشروع لقوله تعالى(وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ ) [البقرة: 203]، والمراد أيام التشريق ، وهذا باتفاق الفقهاء ، و التكبير على نوعين :

1) التكبير المطلق وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسن دائماً، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت.

2) والتكبير المقيد هو الذي يتقيد بأدبار الصلوات.

أما التكبير المطلق فيُسن في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق، وتبتدئ أيام العشر من دخول شهر ذي الحجة (أي من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة) إلى آخر يوم من أيام التشريق (وذلك بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة).

و أما التكبير المقيد فيبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.

وصفة التكبير هو أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد . وهذا عند الحنفية والحنابلة ([5]).

وعند المالكية والشافعية يكبر ثلاثا في الأول الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ([6]).

ومنها: ذكره بالتسمية والتكبير عند ذبح النسك فإن وقت ذبح الهدايا والأضاحي يمتد إلى آخر أيام التشريق عند جماعة من العلماء وهو قول الشافعي ورواية عن الإمام أحمد،

ومنها: ذكر الله عز وجل على الأكل والشرب فإن المشروع في الأكل والشرب أن يسمي الله في أوله ويحمده في آخره

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»([7]) .

وقد رُوي: أن من سمى على أول طعامه وحمد الله على آخره فقد أدى ثمنه ولم يسأل بعد عن شكره

ومنها: ذكره بالتكبير عند رمي الجمار في أيام التشريق وهذا يختص به الحجاج.

ومنها: ذكر الله تعالى المُطْلَق فإنه يستحب الإكثار منه في أيام التشريق وقد كان عمر رضي الله عنه يكبر بمنى في قبته فيسمعه الناس فيكبرون فترتج منى تكبيرا وقد قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ﴾ [البقرة: 200]

نسأل الله أن يكرمنا بنفحاته ولا يحرمنا من بركاته لنفوز برضاه ورضوانه و الحمد لله رب العالمين

([1]) أخرجه الطبراني (519)
([2]) أخرجه ابن حبان (3854) والبيهقي (10337) والدارقطني (4756) وأحمد (17023) والبزار (3443)
([3]) مغني المحتاج 1 / 505 ، والمجموع 8 / 381 ، والمغني 2 / 398 ، والبدائع 1 / 195 ، والقرطبي 3 / 2 ، والكافي 1 / 423 .
([4]) أخرجه ابن خزيمة (2866) وابن حبان (2811) والحاكم (7617) والنسائي (4083) وأبو داود (1765) وأحمد (19381)
([5]) منتهى الإرادات 1 / 310 ، والمغني 2 / 393 ـ 397 ، والبدائع 1 / 197 ، وابن عابدين 1 / 588 ، والهداية 1 / 87 .
([6])  المهذب 1 / 128 ، ومنح الجليل 1 / 280 ـ 281
([7]) أخرجه مسلم (2734) والنسائي (6872) والترمذي (1816) وأحمد (12155)

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.