ما كيفية تحديد علماء القراءات للوقف الجائز واللازم؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما هي الكيفية التي بموجبها حدد علماء القراءات الوقف الجائز والوقف اللازم؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

الوقف اللازم والجائز في المصحف الشريف، يتم تحديده بالنظر لمعاني كلام الله تعالى.

 والعلماء عند تحديد نوع الوقف ينظرون إلى العبارة التي قبل موضع الوقف، والعبارة التي بعده، فيبحثون عن أحد ثلاثة روابط، وبحسب وجود شيء منها أو وجودها كلها يكون تحديد نوع الوقف وحكمه، وهذه الروابط هي: 1- الروابط اللفظية. 2- المعنى الخاص بكل عبارة. 3- السياق العام والموضوع. (1)

 الوقف الجائز

 يرمز له في المصحف بالرمز (ج): ومعناه ما يجوز فيه الوقف والوصل بدرجة متساوية، لوجود وجهين فيها من الإعراب من غير ترجيح لأحدهما، مثاله قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ‌يُذَبِّحُونَ ‌أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 49] فقد وضع فوق كلمة (نسائكم) الرمز [ج] لأن قوله تعالى: {يُذَبِّحُونَ} يجوز فيها أن تعرب في محل نصب حال من فاعل {يَسُومُونَكُمْ} ويجوز أن تكون استئنافية. (2)

الوقف اللازم

 ويرمز له في المصحف بالرمز (م): وهو ما كان في وصله إفساداً للمعنى، أو إيهاماً لمعنى آخر غير مراد، ومثاله: ما رسم فوق كلمة (يسمعون) في قوله تعالى: ﴿‌إِنَّمَا ‌يَسْتَجِيبُ ‌الَّذِينَ ‌يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾. [الأنعام: 36]

والخلاصة: إن علم الوقف أثر من آثار المعنى، فمعرفة المعنى هي التي ترشد إلى مكان الوقف من عدمه. كما أن معرفة نوع الوقف له ارتباطٌ بعلم النحو؛ من جهة معرفة ما يصح الوقف عليه وما لا يصح من المفردات أو الجمل المرتبطة ببعضها من جهة؛ كالمعطوفات والجملة الحالية وغيرها، كما أن له ارتباطاً بعلم القراءات أيضاً.

وأخيراً: اصطلاحات الوقف مبناها على الاجتهاد في تقدير المعنى؛ ما يعني أنه يمكن أن يقع فيه اختلاف، لكن بشرط أن يكون عن دراية ومعرفة لا بذوق وتحكُّمٍ، كما يقع عند بعض الناس، فتراه يقف وقوفات غريبة، ويبتدئ ابتداءً غريباً كذلك، وما دعاه إلى ذلك إلا تذوقٌ غيرُ سليم لمعاني القرآن. (3)

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

(1): قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ ص108.
(2):  قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم عبد العزيز بن عبد الفتاح القاريء ص114.
(3):  ينظر: المحرر في علوم القرآن د. مساعد الطيار ص264.
وينظر أيضاً: شرح طيبة النشر في القراءات لابن الجزري ص34؛ منار الهدى في بيان الوقف والابتدا أحمد بن عبد الكريم الأشموني (1/13)؛ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (1/282)؛
القطع والائتناف أبو جعفر النحاس ص21.