ما هي الكفاءة في الزواج؟ وكيف نطبقها اليوم في زماننا؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

ما هي الكفاءة في الزواج؟ وكيف نطبقها اليوم في زماننا؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :

عقد الزواج في الإسلام هو رباط قوي بين الرجل والمرأة، تستقر به النفس وتقر العين وهو ميثاق غليظ كما وصفه الله تعالى: ﴿ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا﴾ [النساء ٢١] ومن أسس نجاح الزواج الكفاءة، فما المراد بها ؟

الْكَفَاءَةُ لُغَةً:

الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ ، يُقَالُ : كَافَأَ فُلانٌ فُلانًا مُكَافَأَةً وَكِفَاءً وَهَذَا كِفَاءُ هَذَا وَكُفْؤُهُ : أَيْ مِثْلُهُ ، وَفُلانٌ كُفْءُ فُلانَةَ : إِذَا كَانَ يَصْلُحُ بَعْلا لَهَا ، وَالْجَمْعُ أَكْفَاءٌ  .

وَفِي الاصْطِلاحِ:

عند الحنفية بِأَنَّهَا مُسَاوَاةٌ مَخْصُوصَةٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ([1])

وَعند الْمَالِكِيَّةُ: بِأَنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ فِي التَّدَيُّنِ وَالْحَالِ ، أَيِ السَّلامَةُ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ ([2])

وَعند الشَّافِعِيَّةُ: بِأَنَّهَا أَمْرٌ يُوجِبُ عَدَمُهُ عَارًا ([3])

وَعند الْحَنَابِلَةُ: بِأَنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ([4])

حُكْمُ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ :

وقد اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حكم الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ :

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا فَيَجِبُ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الأَكْفَاءِ ، وَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ .

وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِي جَانِبِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ ، وَلا تُعْتَبَرُ فِي جَانِبِ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ ؛

وَنُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي جَانِبِ النِّسَاءِ مُعْتَبَرَةٌ

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ : يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا لأَنَّهُ إِضْرَارٌ بِهَا وَإِدْخَالٌ لِلْعَارِ عَلَيْهَا ، وَيَفْسُقُ الْوَلِيُّ بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ دُونَ رِضَاهَا ، وَذَلِكَ إِنْ تَعَمَّدَهُ ([5])

وَاخْتَلَفَ الرَّأْيُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ :

فَقَالَ خَلِيلٌ : لِلْمَرْأَةِ وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا . . أَيِ الْكَفَاءَةِ .

وَقَالَ الدُّسُوقِيُّ : بمَنْعُ تَزْوِيجِهَا مِنَ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلا لِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لأَنَّ مُخَالَطَةَ الْفَاسِقِ مَمْنُوعَةٌ ، وَهَجْرُهُ وَاجِبٌ شَرْعًا ، فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ ([6])

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يُكْرَهُ التَّزْوِيجُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ عِنْدَ الرِّضَا إِلا لِمَصْلَحَةٍ .

وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ : يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً التَّزْوِيجُ مِنْ فَاسِقٍ إِلا رِيبَةً تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا لَهُ ، كَأَنْ خِيفَ زِنَاهُ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا ، أَوْ يُسَلِّطُ فَاجِرًا عَلَيْهَا([7])

خِصَالُ الْكَفَاءَةِ :

الْكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ لِدَفْعِ الْعَارِ وَالضِّرَارِ ، وَخِصَالُهَا هِيَ :

الدِّينُ ، وَالنَّسَبُ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْحَسَبِ ، وَالْحِرْفَةُ ، وَالْحُرِّيَّةُ ، وَالْمَالُ ، وَالتَّنَقِّي مِنَ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ ، و لبعض الفقهاء كلام في بعض هذه الأمور ([8])

وهل يعمل بمقومات الكفاءة في هذا العصر ؟

جاء في فتاوى المجلس الأوربي للإفتاء و البحوث ما يلي :

(تعتبر مسألة الكفاءة في النكاح من أكثر المسائل التي غلبت فيها العادات والأعراف، حتى جعلت كثيراً من الفقهاء يتوسعون في تفسير النصوص، أو يتساهلون في تصحيحها، من أجل تبرير العمل بالأعراف التي اعتادها الناس.

والأساس الذي دفع الفقهاء إلى هذا الموقف أنّ من أهمّ مقاصد الزواج انتظام التفاهم والتعاون بين الزوجين، وهذا لا يتحقّق إلاّ بوجود قدر من التكافؤ بينهما في المسائل المهمّة في نظر الناس، بحسب الأعراف السائدة في المجتمع.

ولذلك قال الدكتور عبد الستار أبو غدّة – في رسالته المقدّمة إلى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث – الدورة الثالثة عشرة- :

(أمور الكفاءة تختلف باختلاف الزمان والبلدان والعادات والبيئات، فإذا كان العرف السائد أنّ أمراً منها لا يعتبر من متطلبات الكفاءة، فإنه يرجع إلى العرف، وهو معتبر في الشريعة. فإذا تغيرت نظرة المجتمع إلى النسب مثلاً أو الحرفة، باعتبار أنّ العمل بأي مهنة ليست محرّمة هو شرف للإنسان، فالعبرة بذلك العرف).

ولعلّ هذا القول يلخّص حقيقة الموقف الشرعي عند الذين يقولون باعتبار الكفاءة من شروط النكاح([9]).

نسأل الله أن ييسر لجميع المسلمين و المسلمات أمورهم على ما يرضيه و الحمد لله رب العالمين

([1]) الدر المختار 2 / 317 .
([2]) التاج والإكليل 3 / 460
([3]) مغني المحتاج 3 / 165 .
([4]) كشاف القناع 5 / 67 ـ 68 .
([5]) بدائع الصنائع 2 / 320 ، ورد المحتار 2 / 317 ، والمغني 6 / 487 .
([6]) حاشية الدسوقي 2 / 249 .
([7]) حاشية القليوبي 3 / 233  وحاشية الجمل على شرح المنهج 4 / 164 .
([8]) الموسوعة الفقهية الكويتية (كفاءة) 34/266  و ما بعدها
([9]) الكفاءة في النكاح الشيخ فيصل مولوي ، المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث
https://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL03866.pdf

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.