ما هي الفضائل والآثار المترتبة على الأعمال الصالحة في الدنيا والآخرة؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما هي الفضائل والآثار المترتبة على الأعمال الصالحة في الدنيا والآخرة؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين، و بعد”

الأعمال الصالحة هي ثمرة الإيمان و نتيجته و لذلك فإنه يترتب عليها من الفضائل و الآثار ما يترتب على الإيمان، فمن ثمراتها و فضائلها في الدنيا: أنها سبب للحياة الطيبة، و أنها وسيلةٌ لدفع الكربات و إجابة الدعوات، و أما في الآخرة: فهي سبب لتكفير الذنوب و المغفرة و الأجر العظيم و حسن العاقبة و المآب في الجنة، وهي سبب لرفع الكَلِمِ الطيب و لرفع الدرجات عند الله ، و الله أعلم

التفصيل و البيان :

الأعمال الصالحة هي فعل الخيرات والطاعات و اجتناب المنهيات، وأداء الفرائض و العبادات مع الإخلاص لله تعالى في كل الحالات، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾، [الكهف 110].

و يترتب عليها من الفضائل و الآثار ما يترتب على الإيمان، فالعمل الصالح قرين الإيمان و ثمرته؛ فلا يكاد يخلو ذكرٌ للإيمان في القرآن إلا و اقترن معه ذكر العمل الصالح.

فمن أهم الآثار و الفضائل المترتبة على الأعمال الصالحة في الدنيا :

1- الحياة الطيبة في الدنيا : يقول الله تعالى : ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل 97]

2- أنه مما يُتوسَّلُ به إلى الله و يُستشفّع به عنده و يجاب عنده الدعاء ، كما في قصة أصحاب الغار . فعن عبدِ الله بنِ عمرَ بن الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما، قَالَ: سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَاّ أَنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ…) متفق عليه (1)

و أما ما يترتب على الأعمال الصالحة من الفضائل و الآثار في الآخرة:

1- المغفرة و تكفير الذنوب و الأجر العظيم ، يقول تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح 29]، و يقول أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[العنكبوت 7]

2- الحياة الطيبة في الآخرة و حسن العاقبة، يقول تعالى : ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد 29]

3- أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب، كما في قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَأَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
وعن الحسن البصري أنه قال: ( العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، ويُعرَضُ القولُ على العمل؛ فإن وافقه رُفع، وإلا رُدّ )(2)

بناء على ما سبق :

فأوصيك -أخي المسلم و نفسي – بالإكثار من عمل الصالحات مع الصدق و الإخلاص في النيات ؛لكي نكون من أهل العمل الصالح، الذين وصفهم الله تعالى و امتدحهم بقوله : ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت 33]
اللهم اجعلنا منهم و معهم برحمتك يا أرحم الراحمين

المصادر و المراجع :

1- صحيح البخاري : [3\104]رقم (2215) ، و صحيح مسلم : [8\98] رقم (2743)
2-تفسير الدر المنثور للإمام السيوطي ، دار الفكر – بيروت [7\9] .

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ