ما هي الشروط التي يحرم فيها الكحول غير الخمر؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ما هي الشروط التي يحرم فيها الكحول غير الخمر؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم,

الشروط الواجب توفرها في الأشربة حتى تصير محرمة هو وجود صفة الإسكار فيها، ومدار السُّكرِ على غيبوبة العقل، فسميت الخمر خمرًا، لأنها ُتخَمِّرُ العقل وتستُره.

وأي شراب أسكر كثيره فقليله حرام؛ فيدخل في الحرمة كل ما تحقق فيه شرط الإسكار من الأشربة المتخذة من عصير العنب أو الأشربة الأخرى كتلك المتخذة من الحبوب كالشعير ونحوه، والخمر المصنوع من العسل واللبن والتين ونحوها، سواء أسكر قليلها أم لا، وحتى لو اختار لها أصحابها وصنَّاعُها اسماً خاصاً بها كالبيرة مثلاً أم لا .

ودليل تحريم الخمر، قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا ‌الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90] والرجس هو: الحرام لعينه.

وقولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها: “‌كُلُّ ‌شَرَابٍ ‌مُسْكِرٍ حَرَامٌ” (1)

ومنها: «‌أَنْهَاكُمْ ‌عَنْ ‌قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ» (2)

ومنها: ” ‌مَا ‌أَسْكَرَ ‌كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ ” (3)

ومنها: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ‌مُسْكِرٍ ‌وَمُفَتِّرٍ» (4)

وعلى هذا فأي شراب تحقق فيه شرط الإسكار من أي شيء صُنع، وعلى أي طريقة صُنع بالطبخ وغيره فهو حرام، فيعمُّ المسكر نقيع التمر والزبيب وغيرهما فالخمر هو جميع المسكرات، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ملحوظة:

هناك خلاف مشهور بين الحنفية وجمهور الفقهاء في حكم الشراب المصنوع من غير العنب، وهذا الخلاف مبنيٌ على خلاف في مسألة أصولية تتعلق بالحقيقة والمجاز، فالخمر حقيقةً يطلق على ما صُنع من عصير العنب، وهو الذي يحرم شرب قليلهِ وكثيره حصل السكر بشربه مباشرة أم لم يحصل، أما بقية الأشربة المسكرة المصنوعة من غير العنب فلا تسمى خمراً على الحقيقة بل مجازاً، وتتحقق حرمة شربها في الوقت الذي يغلب على الظن تحقق الإسكار منها.

لكن المعتمد والمفتَى به عند الحنفية هو القول الموافق للجمهور، وهو قول الإمام محمد أبرز تلاميذ الإمام أبي حنيفة، بأن كل ما تحققت فيه صفة الإسكار من أي شيء صنع حرام لا يجوز شربه. والله تعالى أعلم.

وأخيراً:

الخمر سميت بأم الخبائث؛ لأنها تجمع كل الخبائث الدينية والدنيوية، وهي مفتاح كل شر ومنفذٌ لكل بلاء، فصاحبها مفسدٌ لعقله، مفسد لبدنه وقوته ومُنْهكٌ لصحته، مؤذ لأهله وجيرانه، وصاحب الخمر مُغضِبٌ لربه، وهي موجبة للعداوة والبغضاء بين الناس…إلى غير ذلك من الشرور المترتبة على شرب كل مسكر ومفتر.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): صحيح مسلم (2001).
(2):مسند الدارمي (2144).
(3):مسند أحمد (14703).
(4):سنن أبي داود (3686).
(5):حاشية ابن عابدين (6/448) (6/455)؛ الاختيار لتعليل المختار  (2/320)؛ المعتصر الضروري ص686- 702.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.