ما هي الأدعية لمن لم يرزق بالأولاد؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما هي الأدعية لمن لم يرزق بالأولاد؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

 «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» كما قال صلى الله عليه وسلم (1)، و لذلك أمر الله به عباده المؤمنين و وعدهم بالإجابة عليه، فقال تَعَالَى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]،

فالأمر بيده سبحانه و تعالى و هو قادر على كل شيء ، يقول تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ  ﴾ [الشورى: 49-50]،

وقد ورد في القرآن الكريم بعض الأدعية الخاصة بإنجاب الأولاد:

 كتلك التي دعا بها الأنبياء عليهم السلام لإنجاب الأولاد، كدعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام، يقول الله تعالى : ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات :100]، و كدعاء سيدنا زكريا عليه السلام ، و قد ورد دعاؤه في كثير من السور ، قال تعالى : ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء 89-90]

 و قال تعالى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران 38]، يقول الطبري في تفسيره: (فلما رأى زكريا من حالها ذلك؛ قال: إنّ ربًّا أعطاها هذا في غير حينه، لقادرٌ على أن يرزقني ذرية طيبة! ورغب في الولد، فقام فصلَّى، ثم دعا ربه سرًّا) (2)،

 ويقول الله تعالى في سورة مريم: ﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾[مريم: 2-4]،

و في هذه الآيات إشارة إلى جملة عظيمة من آداب الدعاء: و ذلك بأن يستشعر الإنسان معنى الحضور مع الله في الدعاء، وأنه قريب منه يسمعه، فيناجيه و يناديه نداءً خفياً صادقاً مخلصاً لا رياء فيه، مع استشعار حالة الضعف و الذل و الحاجة له سبحانه و تعالى، و عندها يكرمه الله تعالى فيرحمه و يستجيب له ..، خاصةً و أنَّه سبحانه لم يُخيِّب دعاءه قبل ذلك كما قال سيدنا زكريا: ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾،

و بعد هذه المقدمة في الدعاء و الدخول على الله تعالى؛ بدأ يبثُّ له همومه و شكواه و حاجته فقال: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾[مريم: 5-6] ، فجاءته البشرى والنداء الإلهي بإجابة الدعوة : ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 7]

وهناك أدعية عامة يمكن أن يدعو بها الإنسان ، مثل:
– دعاء يونس عليه السلام،
 قال صلى الله عليه وسلم: ” دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له “(3)

– وكثرة الاستغفار، قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً*يرسل السماء عليكم مدرارً*ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) [نوح:10-12]
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقهُ مِنْ حَيثُ لَا يَحْتَسِبُ». (4)

و بناءً على ما سبق،

فإنّ خير الدعاء ما كان مأثوراً عن الأنبياء و المرسلين، و ما جاء في القرآن الكريم و في سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه و سلم؛ فليلتزم به من أراد أن يرزقه الله تعالى الذرية الطيبة كما بيّناه أعلاه، و لا مانع أيضاً من أن يدعو الإنسان بأي لفظ أو دعاء يختاره و يعبر عن حاجته و اضطراره ، ويتخيّر مواطن و حالات الإجابة، مع استحضار اليقين في الإجابة ، وكذلك آداب الدعاء ،ولن يخيّب الله تعالى من دعاه و الحمد لله رب العالمين 

 المصادر و المراجع :

1-أخرجه أبو داود (1479)، والترمذي (2969)
2- تفسير الطبري المسمى (جامع البيان)، ابن جرير الطبري، [5\360]

3-  سنن الترمذي : رقم ( 3813 ) ، و المستدرك للحاكم : رقم (1884)
4- أخرجه أبو داود (1518)، وابن ماجه (3819)،

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ