ما هي أهم وسائل تزكية النفس؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

ما هي أهم وسائل تزكية النفس؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

فإن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان مؤلفاً من ثلاثة عناصر هي: العقل والبدن والروح.

وأشرف هذه العناصر الثلاثة الروح التي هي من أمر الله قال تعالى: ﴿وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ ۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًۭا﴾ [الإسراء :٨٥] وقد أمرنا الله بتزكيتها وتطهيرها

التحلية والتخلية

تزكية النفس تكون بأمرين رئيسين هما: التحلية، والتخلية.

فالتخلية: يقصد بها تطهير النفس من أمراضها وأخلاقها الرذيلة.

وأما التحلية: فهي ملؤها بالأخلاق الفاضلة وإحلالها محل الأخلاق الرذيلة بعد أن خليت منها.

وأما الوسائل التي يتوصل بها إلى تزكية هذه النفس وتهذيبها، فمنها وسائل مجملة ووسائل مفصلة

الوسائل المجملة

فأما الوسائل المجملة فنذكر منها:

– العمل على تطهير النفس من أخلاقها الرذيلة كالرياء والعجب والشح والبخل، والحرص والطمع، والأمن من مكر الله…

– تحليتها بالأخلاق الحميدة الفاضلة كالإخلاص، والإنابة، والخوف من الله، والشكر، والتواضع….

– المحافظة على الفرائض،

– الإكثار من النوافل

 – تدبر القرآن،

الوسائل التفصيلية

وأما الوسائل التفصيلية فمنها :

التوبة

 قال سبحانه: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ تُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةࣰ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ ࣱ﴾ [التحريم :٨]

– لزوم الاستغفار والذكر عموماً، لقول الله عز وجل: ﴿وَٱلَّذِینَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَـٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ یُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ﴾ [آل عمران :١٣٥]

– مخالفتها والإنكار عليها وعدم تلبية رغباتها لأنها داعية للراحة والعصيان، يقول الغزالي رحمه الله :(‌اعْلَمْ ‌أَنَّ ‌أَعْدَى ‌عَدُوِّكَ ‌نَفْسُكَ ‌الَّتِي ‌بَيْنَ ‌جَنْبَيْكَ وَقَدْ خُلِقَتْ أَمَّارَةً بِالسُّوءِ مَيَّالَةً إِلَى الشَّرِّ فَرَّارَةً مِنَ الْخَيْرِ وَأُمِرْتَ بِتَزْكِيَتِهَا وَتَقْوِيمِهَا وَقَوْدِهَا بِسَلَاسِلِ الْقَهْرِ إِلَى عبادة ربها وخالقها ومنعها عن شهواتها وَفِطَامِهَا عَنْ لَذَّاتِهَا فَإِنْ أَهْمَلْتَهَا جَمَحَتْ وَشَرَدَتْ وَلَمْ تَظْفَرْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ). [1]

– توبيخها وتقريعها من أجل حملها على الطاعة :

يقول الغزالي رحمه الله:( وَإِنْ لَازَمْتَهَا بالتوبيخ والمعاتبة والعذل والملامة كانت نفسك هي النفس اللوامة التي أقسم الله بها ورجوت أَنْ تَصِيرَ النَّفْسَ الْمُطْمَئِنَّةَ الْمَدْعُوَّةَ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ فِي زُمْرَةِ عِبَادِ اللَّهِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً قال تغفلن ساعة عن تذكيرها ومعاتبتها ولا تشتغلن بوعظ غيرك ما لم تشتغل أولا بوعظ نفسك). [2]

– الإكثار من وعظها وتذكيرها بالموت والدار الآخرة :

– سوء الظن بالنفس والحيلولة بينها وبين الاغترار بالعمل والإدلال به على الله، فإن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش،

– تنقية العمل من حظوظ النفس وشوائب الرياء

– محاسبة النفس :لقول الله تعالى: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌۭ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍۢ ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر :١٨] وقوله صلى الله عليه وسلم: « الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ، وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ »[3]

– التحلي بالصبر واليقين :فبالصبر ينتصر على شهوات نفسه فيحجزها عن المحرمات ويحبسها على الطاعات، فجانبي التزكية : التخلي والتحلي لا يمكن الحصول عليهما إلا عن طريق الصبر،قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍۢ﴾. [الزمر :١٠]

الدعاء

فهو سلاح المؤمن :عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ ، ثُمَّ قَالَ:« إِنَّ صَلَاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيَايَ ، وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ ، وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَقِنِي سَيِّئَ الْأَعْمَالِ ، وَسَيِّئَ الْأَخْلَاقِ ، لَا يَقِي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ». [4]

نسأل الله أن يكرمنا بالنفس الزاكية الطاهرة لنكون من الصالحين المفلحين و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

([1]) «إحياء علوم الدين (4/ 416)
([2]) إحياء علوم الدين (4/ 416)
([3]) أخرجه الحاكم (191) والترمذي (2459) وابن ماجه (4260)
([4]) أخرجه النسائي (643) والبيهقي (2388)