ما هي أشراط الساعة الكبرى؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد محمد فايز عوض


السؤال

ما هي أشراط الساعة الكبرى؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

      فإن الإيمان باليوم الأخر أحد أركان الإيمان الستة، و قد أخفى الله موعده عن خلقه لحكم عظيمة و أسرار بالغة، ولكن أشير في الكتاب و السنة إلى بعض علامات قرب الساعة ليكون الناس على أهبة الاستعداد ليوم الحشر والمعاد ،قال تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [محمد: 18] أي: فهل ينتظر الكفار إلا أن تأتيهم الساعة فجأة من غير سابق علم لهم بها؟! فقد جاءت علاماتها، ومنها بعثته صلى الله عليه وسلم، وانشقاق القمر، فكيف لهم أن يتذكروا إذا جاءتهم الساعة؟
وهذه العلامات على ثلاث مراتب صغرى ووسطى وكبرى وتعرف بأشراط الساعة 

فمن علامات الساعة الكبرى:

(1) الدجال:

      وقد بين لنا النبي ﷺ صفات الدجال، وفتنته، ومكان خروجه، ومقدار لبثه في الأرض، ومقتله.

فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِن نَبِيٍّ إلَّا أَنذَرَ أُمَّتَهُ الأَعوَرَ الكَذَّابَ، إنَّهُ أَعوَرٌ، وَإنَّ رَبَّكُم لَيسَ بِأعوَر، مَكتُوبٌ بَيْنَ عَينَيهِ كَافِر» [1] [صحيح البخاري ومسلم].

(2) نزول عيسى:

      فقد وردت في ذلك الأحاديث، وقد تقدم شيء من ذلك في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، وفيه «فَبَيْنَمَا هُو كَذَلكَ إذْ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ ابنَ مَريَمَ، فَيَنْزِلُ عَنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيّ دِمَشقَ بَينَ مَهْرودتين، وَاضِعًا كَفّيْهِ عَلى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأطَأ رَأسَهُ قَطَرَ، وَإذا رَفَعَ تحدر منه جُمانٌ كاللّؤلؤِ، فلا يَحلُّ لِكافرٍ يجدُ ريحَ نَفسِهِ إلا ماتَ، ونفسُهُ يَنتهي حيثُ يَنتَهي بَصرُهُ، فَيطلُبَه حتّى يُدْرِكَهُ بِبابِ لُدٍّ، فَيَقتُلُهُ، ثُمّ يَأتِي عيسى ابنَ مَريمَ قَومٌ قَد عَصَمَهُمُ اللهُ منهُ، فيَمسَحُ عن وجوهَهُم، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهِم في الجَنَّةِ»؛ [2] [صحيح مسلم] ، و”مهرودتان”: ثوبان مصبوغتان.

(3) خروج يأجوج ومأجوج:

      وفي زمن عيسى يخرج يأجوج ومأجوج، «وَيَبْعَثُ اللهُ يَأجُوجَ ومَأجُوجَ، وَهُم مِن كُلِّ حَدْبٍ يَنْسِلُون، فَيَمُرّ أوائِلِهِم عَلَى بُحَيرَةٍ طَبَريَّة فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء» [3] [صحيح مسلم].

(4) الدخان:

      قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ۞ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الدخان: 10- 11]
وثبت في الحديث عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم أنذركم ثلاثًا: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية: الدابة، والثالثة: الدجال» [4] [سنن أبي داود، المعجم الكبير للطبراني].

(5) طلوع الشمس من مغربها

      عن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى ، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا» [5] [صحيح مسلم]

(6) خروج الدابة:

      قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ [النمل: 82].
ووقت خروجها قريب جدًّا لطلوع الشمس من مغربها،
وأصح ما ورد في الحديث عن أحوالها: ما رواه أحمد في مسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «تَخْرُجُ الدَّابَّةُ، فَتَسِمُ النَّاسَ عَلَى خَرَاطِيمِهِمْ – تجعل علامة على أنوفهم – ثُمَّ يَعْمُرُونَ فِيكُمْ حَتَّى يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْبَعِيرَ، فَيَقُولُ مِمَّنِ اشْتَرَيْتَهُ، فَيَقُولُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ أَحَدِ الْمُخَطَّمِينَ» [6] [مسند الإمام أحمد واللفظ له].

والمعنى: اشترَيْتُها مِن الرجُلِ الذي وُسِمَ على أنْفِه، وهذا تأكيدٌ لِحُصولِ هذا الأمْرِ حتى تُصبِحَ علامةً عليهم.

(7) ثلاث خسفات

      وذلك لما تقدم في حديث حذيفة بن أسيد، وفيه قال رسول صلى الله عليه وسلم: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ. قَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ….» [7] [صحيح مسلم] ولم يرد ما يفصل هذه الخسوف أو ماذا يحدث فيها.

(8) النار التي تحشر الناس

      وهي آخر العلامات، كما ثبت في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ: اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا» [8] [صحيح البخاري ومسلم].

ومعنى: “تقيل”: من القيلولة، وهي النوم وسط النهار.

      والحكمة في تقدم أشراط الساعة:

إيقاظ الغافلين، وحثهم على التوبة والاستعداد. وقد أخفى الله أمر الساعة كما قال الألوسي رحمه الله؛ لأنه “أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية”.

      فيجب أن تستشعر النفوس هول ما ستطلع عليه، وقرب لقاء جبار السموات والأرض، فلا تغتر بزخرف الدنيا الزائل، والجاهز الزائف، إنما هي أحلام نائم، ولا بد من يقظة، فإما إلى جنة وإما إلى نار.

      وهناك كتب كثيرة في باب الفتن وأشراط الساعة وأمور الآخرة وأحوال البرزخ، لكن من أهمها (التذكرة) للقرطبي، و(النهاية) للحافظ ابن كثير.  و(الإشاعة) للعلامة البرزنجي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] صحيح البخاري، 9/ 60 (7131). صحيح مسلم، 8/ 195 (2933) وزاد: ثم “تهجاها: ك ف ر”.

[2] صحيح مسلم، 8/ 196 (2936).

[3] صحيح مسلم، 8/ 196 (2936).

[4] سنن أبي داود، 4/ 158 (4253). والطبراني في المعجم الكبير، 3/ 292 (3440).

[5] صحيح مسلم، 8/ 202 (2941)،

[6] أخرجه أحمد (٢٢٣٠٨) واللفظ له.