ما هي آداب الدعاء؟ ومتى يشعر الداعي بالقرب من ربه خلال دعائه؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما هي آداب الدعاء؟ ومتى يشعر الداعي بالقرب من ربه خلال دعائه؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله وصحبه و من والاه، و بعد:

فهذه هي أهم آداب الدعاء التي دلّت عليها الآيات و الأحاديث الشريفة، وسنذكرها باختصار:

1-  أن يكون الدعاء خالصًا لله وحده، لا يشوبه رياء ولا سمعة
2-  أن يبدأ الداعي بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلب حاجته
3- أن يدعو المسلم بقلب خاشع حاضر، يدرك ما يقول ويتوجه إلى الله بصدق.
4- يجب على الداعي أن يكون على يقين بأن الله سيستجيب لدعائه
5- التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى
6- تحري الأوقات المباركة: فهناك أوقات يُستحب فيها الدعاء، مثل:
وقت السحر (قبل الفجر)، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة وخاصة في الساعة الأخيرة منها، وبعد الصلوات المكتوبة، وعند نزول المطر. و غير ذلك
7- يُستحب للداعي أن يكون مستقبلًا القبلة أثناء الدعاء.
8- ومن السنة رفع اليدين عند الدعاء
9- و يستحب الإلحاح على الله في الدعاء وتكرار الطلب.
10- يجب أن يقتصر الدعاء على الأمور التي فيها خير، وتجنب الدعاء بالشر.
11- يستحب خفض الصوت أثناء الدعاء
12- عدم الاستعجال في الإجابة
13-يستحب أن يشمل في الدعاء جميع  المسلمين والمسلمات

فباتباع هذه الآداب؛ يكون الدعاء أقرب إلى القبول بإذن الله، و يكون الداعي أقرب إلى ربه سبحانه و تعالى
خاصة إذا ما استشعر تلك الحالة التي دعا فيها سيدنا زكريا -عليه السلام- لما كفل مريم، و دخل عليها المحراب؛ فوجد عندها رزقاً؛ فتوجه إلى الله بالدعاء، قال تعالى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران 38]

يقول الطبري في تفسيره: (فلما رأى زكريا من حالها ذلك؛ قال: إنّ ربًّا أعطاها هذا في غير حينه، لقادرٌ على أن يرزقني ذرية طيبة! ورغب في الولد، فقام فصلَّى، ثم دعا ربه سرًّا)(2)،

– يقول الله تعالى في سورة مريم: ﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾[مريم: 2-4]،

و في هذه الآيات إشارة إلى الالتزام بآداب الدعاء: و خاصة بأن يستشعر الإنسان معنى الحضور مع الله في الدعاء، وأنه قريب منه يسمعه، فيناجيه و يناديه نداءً خفياً صادقاً مخلصاً لا رياء فيه، مع استشعار حالة الضعف و الذل و الحاجة له سبحانه و تعالى،
و عندها يكرمه الله تعالى فيرحمه و يستجيب له ..، خاصةً و أنَّه سبحانه لم يُخيِّب دعاءه قبل ذلك كما قال سيدنا زكريا: ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾،

فكانت الإجابة كما قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران39]

فعلى المؤمن أن يستحضر هذه الآداب أثناء الدعاء مه استشعار الحاجة و الذل دائماً لله تعالى، فيكرمه الله عز وجل بالإجابة و القرب منه سبحانه ، و الله أعلم

الهوامش:

1- سنن الترمذي: رقم الحديث (2969)
2- تفسير الطبري: [ 6\360] .

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ