ما هو حق المرأة على زوجها؟
يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض
السؤال
ما هو حق المرأة على زوجها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما، أمّا بعد:
فالزواج في حقيقته عبارة عن شركة بين رجل وامرأة من أجل بناء الجيل الصالح، الذي يعبد ربه ويبني ويعمر الحياة، فأصل الزواج في الإسلام هو حلول المودة والألفة والإيثار بين اثنين ،
ومن أجل دوام العشرة بينهما جعل الله تعالى لكل من الرجل والمرأة حقوقاً لدى الآخر يجب القيام بها.
)يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً (
وقد فرض الله على الأزواج حقوقا تجاه زوجاتهم، من حفظها وحافظ عليها وأداها على وجهها فقد حفظ وصية النبي صلى الله عليه وسلم في أهله، قال صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا»([1]) ، وصار من خيار عباد الله المؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»([2])
و من هذه الحقوق :
1. أمر الزوج زوجته بطاعة الله :
وهذا الحق من أجله قام بيت الزوجية، فإن الله شرع الزواج وأباح النكاح؛ لكي يكون عونا على طاعته، ويكون سبيلا إلى رحمته، فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بما أمر الله، وأن ينهاها عما حرم الله، أشار الله تعالى إلى هذا الحق العظيم بقوله: ﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى﴾ [طه:١٣٢] .
2. الإحسان في المعاملة والمعاشرة بالمعروف :
الزوجة أمانة عند الزوج ، فيجب عليه إحسان معاملتها قولاً : بكلام حسن وعفّة لسان ، وفعلاً : بمعاملة كريمة . لقوله تعالى: ) وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ ( [النساء ١٩] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لَا يَفْرَكْ([3]) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ »([4])
3. صون الزوجة والغيرة عليها واحترامها :
الغيرة على الزوجة أمر فطري في النفوس، سأل سعد بن عبادة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفَح([5]) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أتعجبون من غيرة سعد ، لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله ، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن»([6])
4. إعفاف الزوجة :
وهذا حق مقرر للزوجة، ثابت في السنة النبوية، ففي الحديث المتفق عليه عن عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «يَا عَبْدَ اللهِ ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ ، فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ ، صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»([7]) ، . فأخبر عليه الصلاة والسلام أن للزوجة على زوجها حقاً،
بل إن هذا الحق يعد أيضاً من أنواع العبادة التي يثاب عليها الرجل، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «وفي بضع أحدكم صدقة» ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ، ويكون له فيها أجر ؟ قال : «أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر»([8]) .
5. حفظ أسرار الزوجة :
وهذا الحق يعد من الحقوق المشتركة بين الزوجين .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»([9])
6. النفقة الزوجية :
و تنحصر في الإطعام والكسوة والسكن، فهذه ثلاثة أمور ينبغي للزوج أن يراعيها في إنفاقه على زوجته وأهله وولده.
قال الله تعالى : )ٱلرِّجَالُ قَوَّ ٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَاۤءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ وَبِمَاۤ أَنفَقُوا۟ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡۚ ( ]النساء ٣٤[.
وقال الله تعالى : ) أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَیۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَاۤرُّوهُنَّ لِتُضَیِّقُوا۟ عَلَیۡهِنَّۚ ( [الطلاق ٦]
و سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن حق الزوجة فقال : « أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوِ اكْتَسَبْتَ ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ »([10]) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ »([11])
7. احتمال هفوات الزوجة وغضّ الطّرف عنها :
من المقرر أنه ليس من سمة البشر الكمال، بل الأصل في البشر الخطأ والزلل، ولذلك من الحق والعدل أن يغضّ الرجل الطرف عن الأخطاء الصغيرة والهفوات العابرة، كما مر معنا قوله عليه الصلاة والسلام: « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر » .
فالزوج العاقل الكريم إذاً لا يعاتب زوجته عند أدنى هفوة، ولا يؤاخذها بأول زلّة، بل يلتمس لها المعاذير، ويحملها على أحسن المحامل، ومن ثمَّ يقدم لها النصح بقدر المستطاع.
8. العدل بين النساء إن كن أكثر من واحدة :
والأصل في هذا الحق قوله تعالى : )وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُوا۟ فِی ٱلۡیَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُوا۟ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَاۤءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَـٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ فَوَ ٰحِدَةً أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡۚ ذَ ٰلِكَ أَدۡنَىٰۤ أَلَّا تَعُولُوا۟([النساء ٣]
نسأل الله تعالى لنا ولكم الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الاقتداء بسيد الأنبياء ، صلى الله وسلم و بارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
([1])البخاري (5185) ومسلم (47) ،
([2])ابن حبان (3018) والترمذي (3895) والدارمي (2306)
([3]) أَيْ : لَا يُبْغِضُهَا . يُقَالُ : فَرِكَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا تَفْرَكُهُ فِرْكًا بِالْكَسْرِ ، وَفَرْكًا وَفُرُوكًا ، فَهِيَ فَرُوكٌ ، كَأَنَّهُ حَثَّ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ .
([4])مسلم (1469) والبيهقي (14844) وأحمد (8478)
([5]) يُقَالُ : أَصْفَحَهُ بِالسَّيْفِ إِذَا ضَرَبَهُ بِعُرْضِهِ دُونَ حَدِّهِ ، فَهُوَ مُصْفِحٌ . وَالسَّيْفُ مُصْفِحٌ . وَيُرْوَيَانِ مَعًا .
([6])البخاري (4634) ومسلم (2760)
([7])البخاري (1131) ومسلم (1159)
([8])مسلم (720)
([9])مسلم (1437)
([10])أبو داود (2142)
([11])البخاري (2211) ومسلم (1714) ،
[الشيخ] محمد فايز عوض
هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض من مواليد دمشق – سوريا 1965
درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها
خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985
حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور في باكستان.
له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،
مدرس في جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية
مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول
عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم:
والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.