ما هو أثر التفسير اللغوي في فهم دلالات القرآن؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما هو أثر التفسير اللغوي في فهم دلالات القرآن؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التفسيرُ اللغويُ للقرآن: هو بيان معاني القرآن بما ورد في لغة العرب.
ويعد التَّفسيرُ اللُّغويُّ من أكبر المصادر التفسيريَّة، لهذا سيكونُ له أثرٌ كبيرٌ في التَّفسيرِ، ذلك أن الألفاظَ القرآنيَّة على قسمين:

أولاً: قسمٌ اللَّفظُ لا يحتملُ إلَاّ معنًى واحداً، وهو إمَّا ألَاّ يخفى على أحدٍ من العربِ؛ كالأرضِ، والسَّماءِ … وغيرِها من الألفاظِ العامَّةِ التي لا يجهَلُهَا العربِيُّ.
وإمَّا أنْ يكونَ فيه غرابةٌ على بعضِ النَّاسِ، ولكنَّه ـ كذلك ـ لا يحتملُ إلَاّ معنًى واحداً؛ كالتَّبَابِ، والأحْقَافِ، والشَّانِئ … وغيرِها.

ثانياً: قسمٌ: اللَّفظُ يحتملُ أكثرَ من معنًى في وَضْعِ اللُّغةِ؛ كالقُرْءِ، وعَسْعَسَ، والعَتِيقِ، والحَرْدِ، والمَمْنُونِ، وغيرِها. وهذا القسمُ هو الذي تَبْرُزُ فيه آثارُ التَّفسيرِ اللُّغويِّ: لأنَّ اللَّفظَ الذي لا يحتملُ إلَاّ معنًى واحداً لا يمكنُ أنْ يُتَصَوَّرَ فيه وقوعُ الخلافِ.

وبسبب هذا الاحتمالُ اللُّغويُّ صار للتفسير اللغوي أثران:

الأول: أثر سلبيٌّ: إذا تم استعمال المعاني اللغوية المحتملة  لكلمات القرآن بحسب اعتقاد المفسر الخاطئ؛ لأن المرءَ يعتقدُ، ثمَّ يبحثُ في اللغة عمّا يؤيد معتقده، فيفسر القرآن وفق معتقده، فيجدُ في مجازِ اللُّغةِ وشاذِّها ما يكونُ دليلاً له، فيتمسَّكُ به، ويتركُ القولَ الذي يكون أقرب منه ظاهراً وحقيقةً. فالمعتزلي يبحث في اللغة ما يوافق معتقده في انتفاء رؤية الخلق للحق يوم القيامة، ليفسر به القرآن، وهذا لا شك أثر سلبي لهذا النوع من التفسير.

الثاني: أثر إيجابيُّ: حين تتم الاستفادة من الاحتمالاتُ اللُّغويَّةُ للمفردات القرآنية بما لا يتعارض مع الفهم الصحيح لكلام الله تعالى، وهذه الاحتمالاتُ قدْ تكونُ الآيةُ قابلةً لها بلا تضادٍّ، وقد لا تكونُ كذلك، ولكُلٍّ حُكْمُهُ من حيثُ القبولُ والرَّدُّ عند ثقات المفسرين.

والخلاف الذي قد ينشأ بسبب التَّفسيرِ اللُّغويِّ  له عدة مناحي منها:

أولاً: الاختلافُ بسببِ الاشتراكِ اللُّغويِّ في اللَّفظِ.
ثانياً: الاختلافُ بسببِ التَّضادِّ في دلالةِ اللَّفظِ.
ثالثاً: الاختلافُ بسببِ مخالفةِ المعنى الأشهرِ في اللَّفظِ.
رابعاً: الاختلافُ بسببِ أصلِ اللَّفظِ واشتقاقِهِ

وقد وضع العلماء ضوابط للتفسير اللغوي تمنع من الشطط فيه، منها:

 كل تفسير لغوي وارد عن السلف يحكم بعربيته، وهو مقدم على قول اللغويين.
 إذا ورد أكثر من معنى لغويٍّ صحيح تحتمله الآية، جاز تفسير الآية بها.
 لا يصح اعتماد اللغة وحدها دون غيرها من المصادر التفسيرية.
– لا تعارض بين التفسير اللغوي والتفسير على المعنى.

وأخيراً: التفسير اللغوي وأثره في فهم القرآن مبحث كبير يحتاج للكثير من الشرح والبيان، وأرجو أن يكون ما ذكرته موضحاً للسائل ما أشكل عليه.
وأنصح السائل بالرجوع لكتاب “التفسير اللغوي للقرآن الكريم” لمساعد الطيار، فهو كتاب نفيس في بابه، وقد اعتمدت عليه في تحرير الإجابة.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


ينظر: التفسير اللغوي للقرآن الكريم د. مساعد الطيار ص38 وما بعدها.

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.