ما معنى أن الله لا يرضى بالشر لكن يريده؟ ما الفرق بين الإرادة والرضا؟

يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور باسم عيتاني

السؤال

ما معنى أن الله لا يرضى بالشر لكن يريده؟ ما الفرق بين الإرادة والرضا؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛

 السائل المحترم؛

معنى أن الله لا يرضى بالشر لكن يريده، أي : إن الله لا يحب الشرالذي يصدر من الناس، كالكفر والقتل والظلم وغيرها، ولكنه يريد ذلك بمعنى أنه يوجد ذلك على وفق علمه وإرادته، أي: إن الله عَلِم بكفر فلان باختياره، وقتل فلان،وظلم فلان وأراده لهم وأنفذ ذلك بقدرته. قال الله تعالى: (وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) [الزمر:7]، فهذه الآية تدل على أن الكفر وقع من العباد بإرادة الله بحسب الواقع والمشاهدة، ولكن لم يرض ولم يحب ذلك.

وهنا أضرب لك مثلاً تقريباً للذهن يوضح لك الفارق بين الإرادة والرضا:

لو أن شخصاً بنى مدرسة وصار مديراً عليها، ووضع مناهج دراسية ووضع مقاييس للنجاح والسقوط، وانخرط الطلاب في هذه المدرسة، فمن الطبيعي أنه سيكون هناك ناجحون وغير ناجحين، فالمدير أراد منهجاً ومقاييس وخصصه للطلاب، فمن درس نجح، فالنجاح أراده المدير لمن يدرس، ومن لم يدرس سقط، و السقوط أراده المدير لمن لا يدرس، ولكنه رضي وأحب النجاح ولم يرض ولم يحب السقوط. فنرى أن الإرادة تشمل النجاح والسقوط، ولكن الرضا لايشمل إلا النجاح.

وإرادة الله شاملة للخير والشر الصادران من الإنسان ولكن الرضا لا يشمل إلا الخير، وهنا أمامنا حقيقة إيمانية يجب الاعتقاد بها اعتقاداً جازماً لاشك فيها ولاريب، فلا يحدث شيء في الوجود إلا بإرادة الله أي: بمشيئته، فلو حدث شيء خارج إرادته لكان مكرهاً، وتعالى الله أن يكون كذلك، قال الله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [التكوير:29]  وقال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [سورة القصص: ٦٨] وقال تعالى: (إن الله يفعل ما يشاء) [سورة الحج: ١٨] فكل ما وجد من شر أو من خير فهو بإرادة الله وخلقه، ولكن الله لا يرضى ولايحب لعباده القبيح من الكفر والمعاصي.

أخي السائل: من يراقب في حياته أن الله يفعل ما يشاء ويختار، من صحة ومرض، وغنى وفقر، ولذة وألم، ورفع وخفض يرضى بما قدره الله وأراده، ويدرك أن مشيئته فوق كل مشيئة، ومن تحقق بهذا المقام: ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن بلغ سعادة عظمى لا يدركها إلا المؤمن الصادق. [ ينظر: العقيدة الإسلامية وأسسها، الميداني، ص147]

اللهم أبلغنا وإياكم هذا المقام، والله ولي التوفيق.

الشيخ الدكتور باسم عيتاني

هو الشيخ الدكتور باسم حسين عيتاني من مواليد بيروت – لبنان عام 196

حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005

من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس والشيخ ملا عبد العليم الزنكي والشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ د. مصطفى ديب البغا والشيخ د. وهبي الزحيلي ود. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعا.

لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية و الإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه من ذلك

Seekers Guidance – عضو في اللجنة العلمية في مؤسسة

التعليم المفتوح عبر الإنترنت حتى الآن

– عميد كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية – الدراسات العليا عام 2021-2020

مدير دار إقرأ للعلوم الإسلامية 1998- 2018

مدرس للعديد من المواد و المناهج العلمية في الفقه و الأصول و العقيدة و التفسير .. ومناقش و مشرف على العديد من الرسائل

والاطاريح العلمية في الماجستير والدكتوراه في العديد من الجامعات و الكليات في لبنان له مؤلفات وأبحاث  في مجال العلوم الإسلامية

أقوال الإمام زفر المعتمدة في المذهب الحنفي – الاجتهاد الجماعي سمو فكري في القرن 21 – العرف وأثره في الفقه الإسلامي

المشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية داخل لبنان وخارجه

اللغات : العربية: ممتاز  الفرنسية: جيد الإنكليزية: وسط