ما مدى أهمية اتصاف المسلم بأداء الأمانة؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما مدى أهمية اتصاف المسلم بأداء الأمانة؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

اتصاف المسلم بأداء الأمانة بالغ الأهمية في الإسلام، حيث تعد الأمانة من أمهات الفضائل والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم، ومن أهم الخصال التي تنتشر فيها المجتمعات السليمة، وبدون الأمانة تنتشر الفوضى والبغضاء وعدم الثقة في حياة الناس في شتى شؤون حياتهم.

 والأمانة من صفات المؤمنين: الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ ‌لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8]

 بل الأمانة من الصفات الواجبة في حق الأنبياء والمرسلين جميعاً: فلن يقبل الناس من نبيٍ لا يؤتمن على الوحي، أو أدنى منه؛ لهذا قال الله تعالى: ﴿‌وَلَوْ ‌تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ [الحاقة: 44-46].

 وأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأداء الأمانة: حتى مع الخائنين، ونهى عن معاملة الخائن بصفاته، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ‌أَدِّ ‌الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ “. (1)

 وقد نهى الله تعالى عن الخيانة، التي هي ضد الأمانة فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ‌وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]

 أداء الأمانة ينشر الثقة بين الناس، ويبني مجتمعاً مترابطاً، يسود فيه الأمن والأمان، ويشعر أفراده براحة البال، والمجتمع الذي تضيع فيه الأمانة تعم فيه الخيانة وسوء الظن، وهذا يهلك المجتمعات ويفسدها؛ لهذا حض الله تعالى على الوفاء والأمانة فقال: ﴿‌فَإِنْ ‌أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283]

– عدم الأمانة من صفات المنافقين الذين وصفهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: «‌آيَةُ ‌الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». (2)
إذا وسد الأمر

وأخيراً: الأمانة ليست مجرد صفة أخلاقية، تقتضي رد الودائع، والمحافظة على أموال الناس… فحسب، بل الأمانة أسمى من هذا وأكبر، فإحسان الوالدين تربية أبنائهم أمانة يجب الوفاء بها، وقيام المدرس بواجب التدريس والتربية أمانة يجب القيام بها، وحراسة حدود البلاد أمانة يجب السهر عليها…؛ لهذا قال المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ. قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: ‌”إِذَا ‌وُسِّدَ ‌الْأَمْرُ ‌إِلَى ‌غَيْرِ ‌أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». (3)
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1):  مسند أحمد (15424).
(2):  صحيح البخاري (33).
(3): صحيح البخاري (59).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.