ما حكم من أكل أو شرب في رمضان بعد الفجر ظانا عدم طلوعه ؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أخي السائل – وفقكم الله تعالى -؛

من أكل أو شرب في رمضان بعد الفجر ظاناً عدم طلوعه فسد صومه وأمسك عن يومه، وقضاه، ولاكفارة عليه.
وفساد الصوم بسبب أنه أكل أو شرب في وقت وجوب الامتناع عن الطعام والشراب، ويجب أن يحافظ على هذه الصورة أي: صورة الامتناع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولكنه انتهك ذلك ففسد صومه ولو كان ظاناً عدم طلوع الفجر.

وقد قاس الفقهاء – رحمهم الله تعالى – هذه المسالة على مسألة: (من أكل أو شرب في رمضان قبل غروب الشمس ظاناً الغروب) لأنهما متشابهتان، ودليلها: أن الصحابة أفطرت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – يومَ غيم، ثم طلعت الشمس، فأُمِروا بالقضاء. [ صحيح البخاري]

ويجب عليه أن يمسك عن بقية يومه، لأنه إذا أكل أو شرب ولا عذرَ به اتهمه النناس بالفسق والتحرزعن مواضع التهمة واجب  [ينظر: البناية]
فقد ورد في الحديث: عن صفية بنت حيي قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ معتكفا فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمرّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبيَّ ﷺ أسرعا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إنها صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ». فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإنسان مجرى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سوءا، أو قال: شيئاً»[ صحيح البخاري] فقد قطع النبي – صلى الله عليه وسلم –  طريق الشك والوسوسة من الشيطان عنهما، فأخبرهما أن التي تقف معه هي زوجته صفية – رضي الله عنها -، وهذا تعليم من رسول الله – صلى الله عليه وسلم –  للأمة حتى يبعد المسلم عنه أي تهمة. فعلى المؤمن أن لايقف مواقف التهم، وأن لايسلك مسالكها فيُتَّهم.

ولا تجب الكفارة عليه لأنه لم يقصد التعمد في الإفطار، فوجوبها عليه إحراج، ولأنه ظن عدم طلوع الفجر، فوقع خلاف ما ظن، فكان عليه أن يتحقق، فصار حكمه مثل الخطأ، ومن كان حكمه كذلك لا كفارة ولا إثم عليه، قال الله تعالى :﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِه﴾[الأحزاب:5]

ولعل هذه المسألة في عصرنا تقل وتندر، لأن الناس اليوم عندما تتسحر في آخر الليل تُمسِك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر وتفطر عند الغروب من خلال التأقيت لأوقات الصلاة  لكل بلد التي تحددها دائرة الأوقاف أو المراكز الإسلامية المعتمدة بواسطة الساعات في اليد أو الجوالات أو الحواسيب أو وسائل أخرى، ولو افترضنا حدث خطأ بسبب خلل في ساعة اليد كتأخرالوقت في الساعة أو ظن طلوع الفجرالساعة الخامسة وعشر دقائق، وإذ طلوع الفجر الساعة الخامسة وأشباه ذلك عن طريق الخطأ، فالحكم هو الحكم نفسه في المسألة السابقة أن يمسك عن بقية يومه وعليه القضاء ولا كفارة ولاإثم عليه.

وأخيراً؛ المسلم يجب أن يتحقق في الصيام عند طعامه وشرابه وقت طلوع الفجر ووقت غروب الشمس حتى لا يقع منه مثل هذه الأخطاء المفسدة للصيام.

والله الهادي إلى الصواب.

– صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: البغا، دار ابن كثير، دمشق، سوريا، ط5، (1414هـ – 1993 م) 692/2 ر:1858 –  1195/1 ر:3107
– البناية شرح الهداية، محمود بن احمد، المعروف ببدر الدين العيني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، (1420هـ -2000م) 101/4