ما حكم مس المصحف الشريف لغير المتوضئ؟ و هل يشترط الوضوء لقراءة القرآن الكريم من الهاتف؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما حكم مس المصحف الشريف لغير المتوضئ؟ و هل يشترط الوضوء لقراءة القرآن الكريم من الهاتف؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله و صحبه و من والاه ، و بعد :

لا يجوز لغير المتوضئ مس المصحف الشريف أو أي جزء منه دون حائل، و يجوز له قراءة القرآن الكريم من المصحف مباشرة -دون مسه-، أو من الأجهزة الإلكترونية كالحاسوب أو الهاتف النقال أو غيرها و لكن بشرط عدم مس موضع القرآن من الشاشة .

التفصيل و البيان :

اختصَّ الله تعالى القرآن الكريم و ميَّزه عن غيره من الكتب بمميزات و خصائص تتناسب مع عظيم شأنه و  علو مكانته و قدسيته، و من هذه الخصائص أنه لا يمسه إلا المطهرون كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الواقعة: 77-80]

و كما جاء في الكتاب الذي كتبه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لِعَمْرو بن حزمٍ: «أن لا يَمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ» (1).

و بناءً على ذلك فيحرم على غير المتوضئ – و كذلك المحدث حدثاً أكبر -مس المصحف الشريف كله أو بعضاً منه بيده، أو حمله أو مس جلده و كل ما يتصل به ..،أما إذا كان هناك حائل غير متصل بالمصحف -كقطعة قماش منفصلة عنه- فلا مانع عندئذٍ.

يقول الإمام النووي في كتابه التبيان: ” يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو المذهب المختار … ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف، سواء قل المكتوب أو كثر ، حتى لو كان بعض آية كُتب للدراسة حرم مس اللوح (2)

هذ ا ما يتعلق بالقسم الأول من السؤال و هو مس المصحف لغير المتوضئ.

أما القسم الثاني:

و هو قراءة القرآن لغير المتوضئ فقط – أي للذي أحدث حدثاً أصغر فقط -: فيجوز له قراءة القرآن الكريم من المصحف مباشرة  -دون أن يمسه-، أو من الأجهزة الإلكترونية، كالحاسوب أو الهاتف النقال أو غيرها، و لكن بشرط عدم مس موضع القرآن من الشاشة و يمكن تقليب الصفحات بالقلم الإلكتروني أو  لوحة المفاتيح أو الماوس بالنسبة للكمبيوتر.

يقول الإمام النووي :” إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا:

– أظهرهما جوازه …، لأنه غير ماس ولا حامل .

– والثاني :  تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع….” (3)

و بناءٍ على ما سبق :

إذا أردت أيها الشاب أن تقرأ القرآن الكريم و لكنك كنت غير متوضئ فيجوز لك أن تقرأ القرآن من المصحف مباشرة أو من الأجهزة الإلكترونية، و لكن دون أن تحمل المصحف أو أن تلمسه أو تلمس جلده أو كل ما يتصل به بيدك مباشرة

و كذلك لا يجوز أن تلمس موضع الكلام المكتوب من القرآن من شاشة الهاتف، و يمكن أن تستخدم أي وسيلة أو تقنية مناسبة كالقلم الإلكتروني لتقليب الصفحات . و الله أعلم

المصادر و المراجع :

(1) – أخرجه الإمام مالك في كتابه الموطأ :رقم الحديث (234) الطبعة الأولى ،مؤسسة الرسالة بيروت، و كذلك ينظر: كتاب جامع الأصول لابن الأثير رقم الحديث( 829 )
(2) –  كتاب: التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي ،صفحة(192) الطبعة الثالثة، دار ابن حزم بيروت
(3) –  المرجع السابق ،صفحة(193)

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ