ما حكم تبرع المسلم للمشاريع الخيرية غير الإسلامية؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما حكم تبرع المسلم للمشاريع الخيرية غير الإسلامية؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله وصحبه و من والاه، و بعد:

تبرع المسلم للمشاريع الخيرية غير الإسلامية يعتمد على طبيعة هذه المشاريع والغرض منها. فالإسلام يشجع على فعل الخير للناس جميعًا، بغض النظر عن دينهم أو جنسيتهم، ما دام هذا العمل لا يخالف تعاليم الإسلام ولا يدعم ما هو محرم أو يضر بالإسلام والمسلمين.

– فإذا كان المشروع الخيري غير الإسلامي يهدف إلى تحقيق أغراض إنسانية عامة، مثل إغاثة المحتاجين، ومساعدة الفقراء، وبناء المستشفيات، وتوفير الماء أو الطعام للمجتمعات الفقيرة، أو تقديم الخدمات الطبية أو التعليمية، فلا حرج في التبرع لهذه المشاريع،

يقول الله تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [سورة الممتحنة: 8]،

يقول الإمام الطبري فيما يراه القول الأولى عنده في تفسير هذه الآية: ” وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبرُّوهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم” (1)
وهذا دليل على جواز التعامل بالحسنى مع غير المسلمين والإحسان إليهم.

و كذلك فقد جاءت النصوص الشرعية الكثيرة التي تدعو إلى عمل الخير عامة دون النظر إلى من الذي سيستفيد منه ، و منها: قول رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلَاّ كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةً، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلَاّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً». رواه مسلم. (2)

و كل ما سبق مشروط بعدم إلحاق الضعف أو الضرر بالمسلمين و دينهم وديارهم و جماعتم بأي شكل من الأشكال أو تقوية أعدائهم عليهم و الله أعلم

وعلى هذا، فيجوز للمسلم التبرع للمشاريع الخيرية غير الإسلامية إذا كانت ذات أهداف إنسانية عامة وتساعد على تحسين ظروف الناس بدون دعم لأي أنشطة تخالف الإسلام.و لا بد من الإشارة هنا إلى ضرورة مراعاة المصالح و المقاصد الشرعية و الأولويات، كمراعاة حاجات أهله و أمته و مجتمعه أولاً، و الله أعلم

الهوامش:

1- تفسير الطبري : [23\323]
2- صحيح مسلم : رقم (1552).

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ