ما حكم استخدام معجون الأسنان في رمضان؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛

أخي السائل أكرمك الله تعالى؛

استخدام معجون الأسنان في نهار رمضان لايفسد الصوم بشرط عدم ابتلاع شيء من مادة معجون الأسنان إلا أنه يكره خوفاً من دخول شيءٍ من هذه المادة إلى الجوف، ممّا يؤدّي إلى فساد الصوم.

 ولا شك أن الناس اليوم ينظفون أسنانهم بواسطة ما يُعرف بمعجون الأسنان الذي هو الوسيلة المعتمدة لتنظيف الأسنان في العالم، وهو مركب من مواد كيميائية معقدة من مواد كاشطة ومُنَظِفة ومُنَكِهة ومُلَوِنة وغيرذلك،  بخلاف ما كان في العصور السابقة من وسائل لتنظيف الأسنان ما يعرف بالسواك أو ما شابه ذلك فإن تركيبته طبيعية لأنه يقطع من الشجر. وما زال بعض الناس من المسلمين يستخدم السواك إلى يومنا اقتداءً بسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ويندرج في ذلك سنة تنظيف الأسنان أيضاً.

وهنا لا بد لنا أن نفرق بين حكم استعمال السواك في نهار رمضان عن استخدام معجون الأسنان:

 فحكم استعمال السواك في المذهب الحنفي  بأنه يسن في الوضوء ويستحب عند تغير رائحة الفم والاجتماع بالناس وقراءة القرآن وغيرها، ويكون ذلك للصائم ولغير الصائم سواء كان السواك يابساً أو رطباً أو مبلولاً. [ ينظر: حاشية الطحطاوي]. وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستاك وهو صائم في رمضان وفي غيره، فقد ورد عن أحد ألصحابة أنه قال:  (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لاَ أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وهُوَ صَائمٌ.) [سنن الترمذي] فمن المعلوم حساً أن السواك له طعم طبيعي سواء كان يابساً أو رطباً أو مبلولاً، فعند استعماله والانتهاء منه يتم دخول ذلك إلى حلقه وجوفه، ولا يؤثر على الصوم في فساده، ولم نؤمر ببصق ذلك، لأن ذلك الحد هو مسموح به من حيث التشريع.

وأما استعمال معجون الأسنان فهو إدخال مادة كيميائية مركبة إلى الفم، بواسطة فرشاة أسنان مما تتضخم المادة  في الفم بسبب التنظيف، ولا بدَّ من إخراجها منه نهار الصيام، وهذا يتطلب مبالغة لإخراجها بالمضمضة حتى لا يبقى أي جزء من المادة، فيكون هناك إدخال ماء عدة مرات إلى الفم مع خض داخلي قوي لعدة مرات، ثم إخراج ما في الفم، فهذه العملية قد تُعرِّض الصائم إلى فساد صومه، فلذا تعتبر مثل المبالغة في المضمضة، وحكمها الكراهة في المذهب، ومسألتنا  هذه تزيد على مجرد المبالغة في المضمضة، وهو إدخال مادة وإخراجها كما صورناها حتى لو ذهبت أجزاء المادة تبقى نكهة المادة فترة في الفم، وبقاؤها لا تفسد الصوم، ولكن هذا كله يؤكد الكراهة التحريمية في ذلك.

وأوجه الأخ السائل إلى أمرين:

1- إن حرمة رمضان عظيمة عند الله تعالى، والتحري للحفاظ على الصيام من الواجبات وأي وسيلة تُقرِّب إلى إفساد الصوم ينبغي الابتعاد عنها، وهذه الوسيلة في تنظيف الأسنان بالمعجون تعرِّض الصيام إلى إفساده فيجب الابتعاد عنها في نهار صيام رمضان.

2- وإذا أردت أن تستعمل معجون الأسنان في رمضان، فالأمر متسع لك في الليل بعد الإفطار وبعد السحور قبل الفجر، وتستطيع في النهار والليل استعمال السواك على الوجه المسنون، وهكذا تستطيع أن تجمع بين الوسيلتين الأولى: الطريقة المعتادة في عصرنا. والثانية: السواك الذي هو سنن الدين.

وفقنا الله وإياك على الابتعاد عن كل ما يفسد صيامنا وأعمالنا.

[الشيخ] الدكتور باسم عيتاني