ما حكم إهمال حاجات الزّوجة الماليّة وحاجاتها الجنسية؟

يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور باسم حسين عيتاني

السؤال

ما حكم إهمال حاجات الزّوجة الماليّة وحاجاتها الجنسية؟

الجواب

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛

أخي السائل – سلمك الله تعالى -؛

لايجوز للزوج أن يهمل حاجات الزوجة المالية وحاجاتها الجنسية، لأن الإهمال في الحاجتين  يؤديان إلى مفسدة كبيرة على الزواج. فإهمال الحاجة المالية تؤدي إلى مشقة في العيش، فتصل إلى المصادمات والتلاسن والشجار فيحصل النفور بين الزوجين، بل قد يصل الأمر إلى طلب الطلاق، لأنه يتحقق ضرر الزوجة، فيكون الزوج سبباً لضررها الحاصل عليها لأنه إمساك الزوجة عنده بغير معروف أو سبباً لانهيارالزوجية لأنه لم يقم بواجبه الشرعي اتجاه زوجته وهو وجوب النفقة عليها. وإهمال الحاجة الجنسية: قد تؤدي إلى انحراف الزوجة عن العفة فتُفرِّغ شهوتها في غير محلها المشروع، فيكون الزوج قد سبب بذلك، والواجب عليه أن يحصن زوجته من الوقوع في الحرام.

والزوج مطالب شرعاً أن يرعى شؤون زوجته المالية للإنفاق عليها من طعام وشراب وكسوة وسكنى، وقد ثبت وجوب النفقة على الزوجة في ثلاث أدلة:

الأدلة الأولى: القرآن الكريم في قوله تعالى:( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) [الطَّلاق: 7] فالآية واضحة وصريحة في أن الزوج يجب أن ينفق على زوجته سواء كانت غنية أوفقيرة في حالة عسره وفي حالة يسره.

الأدلة الثانية: السنة النبوية في قوله – صلى الله عليه وسلم – : “ولهُنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوَتُهنَّ بالمعروفِ” [ صحيح مسلم]

الأدلة الثالثة: الإجماع : وقد أجمع أهل العلم على أن الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته نفتقها وكسوتها بالمعروف. [ينظر: الإشراف]

والزوج مطالب منه شرعاً أن يوفي الزوجة حقها في الشأن الجنسي كما هي يجب أن توفيه حقه، قال الله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) [ البقرة: 178] فواجب عليه أن يحصنها من الوقوع في الحرام بأن يشبع غريزتها فلا تلتفت إلى ماحرم الله تعالى وكذلك العكس، (لأن ذلك حق مشترك بينهما، فيكون في ذلك عليه من الضرر ما عليها) [ بدائع الصنائع]

وقد قصّر أحد الصحابة وهو عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – في  زمن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حق زوجته بسبب انكبابه على عبادة الله من كثرة صلاة وكثرة صيام وكثرة قراءة القرآن، فأدى إلى انشغاله عن زوجته فتضررت بذلك، فوجهه النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى منهج يوازن بين حق العبادة وحق النفس وحق الزوجة، فقال له: ” ياعَبْدَ اللَّهِ، ألَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلتُ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فلا تَفْعَلْ، صُمْ وأَفْطِرْ، وقُمْ ونَمْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.” [ صحيح البخاري]

أخي السائل المحترم؛

الدين الاسلامي دين متوازن في الحقوق، فالرجل له حقوق وعليه حقوق وكذلك المرأة، والرجل مسؤول عن زوجته، والمسؤول ينبغي أن يقوم بكامل مسؤوليته فلا ينتقصها، وأي تقصير من الزوج في جانب زوجته من حاجات مالية واجبة أومن حاجة جنسية فيهما مساءلة يوم القيامة وفيهما عقوبة أخروية.

والله منور قلوب الخلق لهدايته.

– صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، (1374هـ -1955م) 886/2

– الإشراف على مذاهب العلماء، محمد بن إبراهيم بن المنذر، تحقيق: صغير أحمد الأنصاري، مكتبة مكة الثقافية، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، ط1،( 1425هـ -2004م) 175/5

– بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، أبو بكر بن مسعود الكاساني، دار الكتب العلمية (مصورة)، بيروت، لبنان، ط1،(1328هـ) 334/2

– صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: البغا، دار ابن كثير، دمشق، سوريا، ط5،(1414هـ -1993م) 1995/5 ر:4903

[الشيخ] الدكتور باسم عيتاني

الشيخ الدكتور باسم عيتاني هو الشيخ الدكتور باسم حسين عيتاني من مواليد بيروت – لبنان عام 1965    

حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005

من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس والشيخ ملا عبد العليم الزنكي والشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ د. مصطفى ديب البغا والشيخ د. وهبي الزحيلي ود. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعا.

 لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية و الإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه من ذلك

 SeekersGuidance – عضو في اللجنة العلمية في مؤسسة

 التعليم المفتوح عبر الإنترنت حتى الآن

– عميد كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية – الدراسات العليا عام 2021-2020

مدير دار إقرأ للعلوم الإسلامية 1998- 2018

مدرس للعديد من المواد و المناهج العلمية في الفقه و الأصول و العقيدة و التفسير .. ومناقش و مشرف على العديد من الرسائل

والاطاريح العلمية في الماجستير والدكتوراه في العديد من الجامعات و الكليات في لبنان له مؤلفات وأبحاث  في مجال العلوم الإسلامية

أقوال الإمام زفر المعتمدة في المذهب الحنفي – الاجتهاد الجماعي سمو فكري في القرن 21 – العرف وأثره في الفقه الإسلامي 

المشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية داخل لبنان وخارجه