ما حكمة الاستياك وفوائده؟
يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض
السؤال
ما حكمة الاستياك وفوائده؟
الجواب
تعتني الشريعة ببدن الإنسان كما تعتني بقلبه، وتهتم بصلاح جسده كما تهتم بصلاح دينه وأخلاقه؛
وهناك آدابٌ تحتمها الطِبَاعُ السوية، وتدعو إليها الفطر السليمة، ويتعارف عليها العقلاء من البشر، كالتحلي بالنظافة، والاهتمام بالزينة؛ فالاستنجاء من الأذى، وغسل اليدين قبل الطعام وبعده، وإماطة الأذى عن الطريق، ونظافة البدن واللباس، ومكان العمل والدار، أمور يتفق عليها جميع البشر، ويفعلها المسلم، وقد يفعلها الكافر؛ إذ هي من عادات الإنسان العاقل السوي، فهو يكره القذر، ويحب النظافة.
لكن الإسلام من عنايته بأمور الحياة -التي قد يراها الناس من أمور العادة- رتب عليها أجوراً عظيمة، ورغب فيها حتى أضحت سنناً، إذا فعلها المؤمن حسبةً نال أجراً عظيماً، وثواباً جزيلاً.
والعنايةُ بالفم ونظافته، وتطييب رائحته، لِحَقِّ النفس و لِحَقِّ الغير، ليست تنفك عن عناية الشريعة واهتمامها؛ ولذا شرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السواك، ورغب فيه، وأكد عليه؛ حتى أصبح من السنن المؤكدة.
قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-:
و أهم فائدة للسواك تظهر في قوله صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم مرضاه للرب. رواه أحمد والنسائي.
وقد نص صاحب مغني المحتاج على أن (مِنْ فَوَائِدِ السِّوَاكِ: أَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ، وَيُرْضِي الرَّبَّ كَمَا مَرَّ، وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ، وَيُطَيِّبَ النَّكْهَةَ، وَيُسَوِّي الظَّهْرَ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ، وَيُبْطِئُ الشَّيْبَ، وَيُصَفِّي الْخِلْقَةَ، وَيُذْكِي الْفِطْنَةَ، وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ، وَيُسَهِّلُ النَّزْعَ كَمَا مَرَّ، وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ.)([2])
والحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة: كون الصلاة مناجاة للرب، فاقتضى أن تكون على حال كمال ونظافة، إظهاراً لشرف العبادة، وهي الصلاة.
ومن الفوائد أيضاً: أن الأمر يتعلق بالملك الذي يستمع القرآن من المصلي؛ فإنه قد جاء في الحديث عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : أُمِرْنَا بِالسِّوَاكِ ، وَقَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أَتَاهُ الْمَلَكُ فَقَامَ خَلْفَهُ يَسْتَمِعُ الْقُرْآنَ ، وَيَدْنُو ، فَلَا يَزَالُ يَسْتَمِعُ وَيَدْنُو حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ ، لَا يَقْرَأُ آيَةً إِلَّا كَانَتْ فِي جَوْفِ الْمَلَكِ.([3])
السواك من سنن الفطرة
ولا ننسى أن السواك من سنن الفطرة التي ذكرها النبي ﷺ فيما روته السيدة عَائِشَة قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ” قَالَ زَكَرِيَّاءُ : قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ . زَادَ قُتَيْبَةُ : قَالَ وَكِيعٌ انْتِقَاصُ الْمَاءِ ، يَعْنِي : الِاسْتِنْجَاءَ .([4])
نسأل الله أن يرزقنا كمال متابعته صلى الله عليه و سلم والحمد لله رب العالمين
([1])المغني شرح مختصر الخرقي لابن قدامة المقدسي 1/69
([2]) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني الشافعي 1/185
([3])الضياء المقدسي (580) والبيهقي (163) والبزار (603) وعبد الرزاق (4184)
([4]) مسلم (261) وابن خزيمة (88) والنسائي (5055 / 1) وأبو داود (53) والترمذي (2757)