ما حقيقة الأوقات المكروهة وهل تصحّ الصلاة فيها؟

تمت الإجابة عن السؤال من الشيخ د. فايز عوض

السؤال

ما حقيقة الأوقات المكروهة وهل تصحّ الصلاة فيها؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:

تكره الصلاة كراهة التحريم:

  1. عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح.
  2. وعند الاستواء في غير يوم الجمعة حتى تزول الشمس.
  3. وعند الاصفرار حتى تغرب.
  4. وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.
  5. وبعد صلاة العصر حتى تغرب.
ودليل ذلك حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: “ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب” [1].
[بازغة: المراد أول ظهور قرصها. وقائم الظهيرة: أصله أن البعير يكون باركاً فيقوم من شدة حر الأرض، فصار يكني به عند شدة الحر. تميل: عن وسط السماء. تضيف: تميل مصفرة وتقرب من الغروب].

ما هي الصلاة التي تكره في هذه الأوقات؟

ومحل هذه الكراهة إذا لم يكن للصلاة سبب، أو لها سبب متأخر عليها كالنفل المطلق وركعتي الإحرام والاستخارة
فإن كان لها سبب متقدم غَيْرُ مُتَأَخِّرٍ فَتَصِحُّ كَفَائِتَةٍ وَصَلاةِ كُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَطَوَافٍ وَتَحِيَّةٍ وَسُنَّةِ وُضُوءٍ وَسَجْدَةِ تِلاوَةٍ وَشُكْرٍ وَصَلاةِ جِنَازَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فَائِتَةً فَرْضًا أَمْ نَفْلاً فإنه لا كراهة في ذلك.

ويدل على عدم الكراهة:
ما رواه أنس: عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه: 14]». [2]
فقوله: «إذا ذكرها»: يدل على أن وقتها المشروع، والمطالب بصلاتها فيه، هو وقت الذكر، وقت يذكرها في أحد الأوقات المنهي عنها، فدل على استثناء ذلك من النهي.

وما روته أم سلمة رضي الله عنها: أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر، فسألته عن ذلك فقال: «يا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَن الرّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وَإِنّهُ آتَانِي نَاسٌ مِن عَبْدِ القَيْسِ، فَشَغَلُوْنِي عَن الرّكْعَتَيْنِ الّلتَيْنِ بَعد الظُّهْرِ، فَهُمِا هَاتَان».[3]
ويستثنى من هذا النهي مطلقاً حرم مكة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَاف لا تَمنَعُوا أَحَدَاً طَافَ بهَذَا البَيْتِ وَصَلّى أيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِن لَيْلٍ أو نَهَارٍ» [4] 

وأما يوم الجمعة عند الاستواء
فلأنه صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى التبكير يوم الجمعة ورغب في الصلاة إلى خروج الإمام، وجعل الغاية خروج الإمام، وهو لا يخرج إلا بعد الزوال، فدل على عدم الكراهة.
وجاء فيه حديث عن أبي قتادة مرفوعاً “أنه صلى الله عليه وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة”
ولأن المسلمين كانوا يصلون في خلافة عمر في وقت الاستواء حتى يخرج إليهم عمر ليخطب فيهم ، ولم ينكر عليهم ذلك.[5]


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.


أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركيا إلى الآن..
والشيخ عضو رابطة علماء الشام، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، ورابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم (831).
[2] صحيح البخاري (576)، صحيح مسلم (684).
[3] صحيح البخاري (1176)، صحيح مسلم (834).
[4] سنن الترمذي (868)، سنن أبي داود (1894).
[5] سنن أبي داود (1083)، فتح الباري 2/ 76.