ما المقصود بقول الله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث)؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ما المقصود بقول الله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث)؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الآية هي الآية الأخيرة من سورة الضحى، وقد سبق هذه الآية آيات تتحدث عن بعض النعم والمنن التي امتنَّ الله تعالى بها على نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم، ويمكن إجمالها في: الإيواء بعد اليُتم: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ ‌يَتِيمًا فَآوَى ﴾ [الضحى: 6]
والهُدى بعد الغفلة: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ [الضحى: 7]
والإغناء بعد الفقر: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ [الضحى: 8]

فبعد أن عدَّدَ المُنْعِمُ نعَمه أمره أن يتحدث بها شكر اً لله تعالى عليها؛ فقال: ﴿وَأَمَّا ‌بِنِعْمَةِ ‌رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11]

أي كما كنت يا محمد عائلاً فقيرًا فأغناك الله، وغافلاً عن أحكام الشرائع التي لا تهتدي لها العقول فهداك لذلك، وكنت يتيمًا لا أبَ لك فجعل لك مأوىً تأوي إليه؛ فتحدث بنعمة الله عليك، فالاعتراف بالنعمة شكرٌ لها أيضاً. (1)

ومن صور التحديث بالنعمة:

  •  توظيف نعم الله تعالى في مراضيه؛ إذْ شكرُ النعمة يقتضي وضعها في موضعها الشرعي .
  •  إذا أنعم الله تعالى على عبده نعمةً يُحبُّ أن يَرى أثرها عليه.
  •  من التحدث بالنعمة إظهارُها بالملبس والمركب.
  •  شكر النعمة باللسان اللهجُ بها ، وبالجنان شهودها من المنعم ، وبالأركان  العمل بها في طاعة الله تعالى .
  • إذا أصبت خيرًا أو عملت خيرًا فحدِّث به الثقةَ من إخوانك، روى أيوب قال : “دخلت على أبي رجاء العطادري فقال : لقد رَزَقَ اللهُ البارحةَ خيرًا ، صليتُ كذا وسبَّحتُ كذا”. (2)

وأخيراً:

نِعَمُ الله تعالى علينا لا تحصى، والتذكير بالنعمة لون من ألوان التحريض على الشكر، والشكر قيدٌ للنعمة، وبلوغٌ لمقام الشكر عند الله تعالى الذي تكفل للشاكرين بالزيادة حين قال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ ‌لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]

 إن تحديث العبد بنعم الله تعالى جائز ٌمطلقًا، بل مندوب إليه إذا كان الغرض أن يقتدي به غيره، أو أن يشيع شكر ربه على لسانه، وأما إذا لم يأمن العبد على نفسه الفتنة والإعجاب والرياء، فالستر أفضل.

قد يكون عدم البوح بالنعمة في بعض الأحيان محبباً إذا كان سيجرُّ على المتحدِّث بالنعمة الأذى؛ فقد أوصى يعقوب عليه السلام ابنه يوسف بذلك فقال له: ﴿يَا بُنَيَّ ‌لَا ‌تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5]
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1): تفسير القرطبي (20/100)؛ تفسير ابن كثير (8/427)؛ روح المعاني للآلوسي (10/69)- (15/381)؛  التفسير المنير (30/282)؛ موقع الشيخ عبد الكريم تتان.
(2): أحكام القرآن لابن عربي (4/411)؛ التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور (30/405).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.