ما السبل التي يجب على المسلم اتباعها لتعزيز صلته بالله في الضيق؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما السبل التي على المسلم أن يلجأ إليها لتعزيز صلته بالله في وقت الضيق والحرج؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله و على آله و صحبه و من والاه ، و بعد :

هناك سبل و طرق كثير في تعزيز علاقة المؤمن بربه في وقت الضيق و الحرج، و من أهمها:

الثقة بالله تعالى والتسليم و الرضا

الثقة بالله تعالى والتسليم و الرضا بما قدره وقضاه مع التوكل عليه ، قال تعالى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة 51]،

و كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه حيث قال له صلى الله عليه و سلم: «يَا غُلامُ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلَاّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلَاّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ ». (1)

الاستعانة بالصبر و الصلاة

الاستعانة بالصبر و الصلاة و الدعاء ، كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة 153]،

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ عند الكرب: “لاَ إله إلا الله العظيم الحليمُ، لا إله إلا اللَّه رَبّ العَرْشِ العظيم، لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمُ”. وفي رواية لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حَزَبَه أمرٌ قال ذلك. (2)

و عن حذيفة – رضي الله عنه – قال: «كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم- إذا حَزَبَه أمرٌ صلى»[أخرجه أبو داود] (3) .

التعرف إلى الله في الرخاء

التعرف إلى الله في الرخاء، و هذه من أعظم الوسائل التي ينبغي على المسلم ألا يغفل عنها أبداً، فقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه في رواية أخرى ذكرها النووي في الأربعين النووية ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لابن عباس رضي الله عنه : «احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ: أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَاعْلَمْ: أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا».(4)

فهذه أهم الأسباب و الطرق التي يجب على العبد المسلم أن يرجع إليها؛ لتعزيز صلته بالله تعالى في كل الأوقات، و خاصة في أوقات الضيق و الشدة و الحرج، و الله أعلم

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ

الهوامش:
1-  سنن الترمذي: رقم (2516)
2- صحيح البخاري: رقم: (6345)، و صحيح مسلم: رقم (2730)
3- سنن أبي داود : رقم (1319)
4- الأربعين النووية ، للإمام النووي رقم الحديث 19