ماهي الشروط الباطنة والظاهرة لطلب العلم؟

 

الإجابة من الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

ماهي الشروط الباطنة والظاهرة لطلب العلم؟

الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛

      فإن طلب العلم من أشرف الأعمال، وأفضل القربات الى ذي العزة والجلال، فبه يعرف الحرام من الحلال، وتصلح به المعايش والأحوال. ولولا العلم لعاش الناس في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء. والعلوم كلها مهمة ومطلوبة وتحصيلها إما فرض عين أو فرض كفاية، ولكن أشرفها وأعلاها قدراً علوم الشريعة الغراء.

      طلب العلم له آدابه وشروطه وأركانه،

وكل ذلك مشروح ومبين في كتب أهل العلم ومصنفاتهم المختصة بهذا الباب، ومن أوسعها ما دونه الإمام الغزالي رحمه الله في كتاب (إحياء علوم الدين)، ثم ما أفرد بالتأليف ككتب الحافظ الخطيب البغدادي المتنوعة في الرحلة في طلب العلم وآداب المحدث وغير ذلك، وكتاب ابن عبد البر (جامع بيان العلم وفضله)، ومنها: كتاب ابن جماعة الكناني (تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم). وغيرها.

ومدار تصفية الباطن من الكدورات والأمراض على تقوى الله، فمن اتقى الله صفى باطنه، وصلح أمره، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة: 282].
قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمَاً يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَاْ يَتَعَلَّمَهُ إِلَّاْ لِيُصِيْبَ بِهِ عَرَضَاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عُرْفَ الجَّنَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ» [سنن أبي داود. سنن ابن ماجه]. [1].


      قال الإمام ابن جماعة رحمه الله في (تذكرة السامع والمتكلم): “التاسع: أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الرديئة ويعمره بالأخلاق المرضية فمن الأخلاق الرديئة الغل والحسد والبغي والغضب لغير الله تعالى والغش والكبر والرئاء والعجب والسمعة والبخل، والخبث والبطر والطمع والفخر والخيلاء والتنافس في الدنيا والمباهاة بها والمداهنة والتزين للناس، وحب المدح بما لم يفعل، والعمى عن عيوب النفس والاشتغال عنها بعيوب الخلق، والحمية والعصبية لغير الله، والرغبة والرهبة لغير الله، والغيبة والنميمة والبهتان والكذب والفحش في القول، واحتقار الناس، ولو كانوا دونه فالحذر الحذر من هذه الصفات الخبيثة والأخلاق الرذيلة، فإنها باب كل شر، بل هي الشر كله.

      وقد بُليَ بعض أصحاب النفوس الخبيثة من فقهاء الزمان بكثير من هذه الصفات إلا من عصم الله تعالى ولاسيما الحسد والعجب والرئاء واحتقار الناس وأدوية هذه البلية مستوفى في كتب الرقائق فمن أراد تطهير نفسه منها فعليه بتلك الكتب ومن أنفعها كتاب الرعاية للمحاسبي رحمه الله” [ابن جماعة، تذكرة السامع والمتكلم] [2].

ثم أرشد رحمه الله الى طريقة كان يتبعها بعض العلماء مع تلامذته، فقال: “وكان بعض العلماء الزهاد يختم الدروس بدرس رقائق يفيد به الحاضرين تطهير الباطن ونحو ذلك من عظة ورقة وزهد وصبر” [ابن جماعة، تذكرة السامع والمتكلم] [3].


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.

د.محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سنن أبي داود (3664)؛ وسنن ابن ماجه (252).
[2] ابن جماعة، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم (ص: 15).
[3] ابن جماعة، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم (ص: 21).