ماذا يعني الرسم العثماني للقرآن، وهل هو نسبة للخطاط عثمان طه الذي كَتبَ المصحف الذي يطبع في المدينة المنورة؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ماذا يعني الرسم العثماني للقرآن، وهل هو نسبة للخطاط عثمان طه الذي كَتبَ المصحف الذي يطبع في المدينة المنورة؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

الشق الأول من السؤال: ماذا يعني الرسم العثماني؟

الرسم العثماني: هو شكل الإملاء لخط المصحف الإمام الذي أَمَرَ أميرُ المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه اللجنة الرباعية التي كلَّفها بكتابة المصحف عند جمع القرآن واستنساخ الصحف للمرة الثانية عقب الجمع الأول الذي كان في عهد سيدنا أبي بكر الصديق، ويطلق عليه: رسم المصحف، ومرسوم الخط، ويرجع هذا الرسم في الأصل إلى كتابة القرآن بإملاء النبي صلى الله عليه وسلم على كتَّاب الوحي، فكتبوه حسبما يعرفون وبإشرافه واطلاعه صلى الله عليه وسلم. ومثال ذلك: كتابة كلمة (الصلاة=الصلوة )، (الربا=الربوا)، (آيات=ءايت)، (يا لوط=يلوط) بوضع ألف خنجرية صغيرة بدل الألف الممدودة، وغير ذلك من الكلمات القرآنية التي تخالف الرسم الإملائي الذي نكتب به في وقتنا هذا. (1)

ولم يجر الرسم العثماني على قاعدة منضبطة وإن كان في الغالب يعود لقاعدة، فمثلاً (الصلاة، والزكاة) كتبوهما بالواو بدلاً من الألف؛ لأن أصلهما (صلو، زكو)، ومثل: (ليكونن، ولنسفعن) كُتبتا في الرسم العثماني (ليكوناً، لنسفعاً) بالتنوين بدلاً من النون على حكمهما عند الوقف.

أما مالا يعود من ذلك إلى قاعدة فالصحابة كتبوه على اصطلاح الهجاء الشائع في ذلك الوقت. (2)  وهكذا اتخذت الأمة الإسلامية الرسم العثماني سنةً متبعة إلى عصرنا هذا. يقول الإمام البيهقي: “واتباع حروف المصاحف عندنا كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها”. (3)

فكان ذلك شكلٌ من أشكال المحافظة على القرآن والاحتياط في حفظه حتى في مسألة شكلية هي كيفية رسمه.

أما الشق الثاني من السؤال: هل الرسم العثماني هو نسبة للخطاط عثمان طه الذي كَتبَ المصحف الذي يطبع في المدينة؟

فلا علاقة للخطاط السوري عثمان بن عبده بن حسين بن طه الحلبي المولود في ريف مدينة حلب سنة 1352 هـ الموافق 1934م، وهو الذي كتب بخطه الجميل المصحف الذي طبع بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، ووجه الالتباس على السائل إنما نشأ من تشابه الأسماء بين اسم سيدنا عثمان رضي الله عنه الذي جمع القرآن وبين اسم عثمان طه حفظه الله تعالى الذي كتب القرآن بخطه.

ملحوظة:

جمهور العلماء ذهبوا إلى منع كتابة المصحف بما استحدث الناس من قواعد الاملاء المعاصرة؛ للمحافظة على نقل المصحف بالكتابة على الرسم نفسه الذي كتبه الصحابة واستمرت عليه الأمة، وقد صرح الإمام أحمد فيه بالتحريم فقال: «تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك»(4)

وأجاز بعض العلماء كتابة المصحف بالرسم الإملائي الحديث لمساعدة بعض الأشخاص الذين يعسر عليهم قراءة المصحف بالرسم العثماني الذي تحدثنا عنه.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1):  الإتقان في علوم القرآن للسيوطي النوع السادس والسبعون: في مرسوم الخط وآداب كتابته (4/167)؛ مناهل العرفان للزرقاني (1/369)؛ علوم القرآن الكريم د. عتر ص187؛ المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص148.
(2): المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص148.
(3):  فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم ابن سلام ص361؛ شعب الإيمان للبيهقي (4/220).
(4): المقنع لأبي عمرو الداني ص30؛ البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/379).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.