ماذا يجب على المرأة إذا رأت دم الحيض أثناء الصيام؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد محمد فايز عوض


السؤال

ماذا يجب على المرأة إذا رأت دم الحيض أثناء الصيام؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:

فإن الشارع الحكيم راعى أحوال جميع المكلفين، ولم يشق عليهم في أحكامه وتكليفاته، ويظهر ذلك في صور كثيرة منها عدم وجوب أداء الصوم على الحائض والنفساء مراعاة لحالتهما؛
فمَن حاضَت أو نَفِسَتْ أثناءَ نهارِ رَمَضانَ؛ فقد فسدَ صَومُها، ويلزَمُها قضاؤه.

فعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «… أليس إذا حاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ» [صحيح البخاري ومسلم] [1]
و قالت السيدة عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها لَمَّا سئِلَت: “ما بالُ الحائضِ تقضي الصَّومَ، ولا تقضي الصَّلاةَ؟ قالت: كان يُصيبُنا ذلك على عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاةِ” [صحيح البخاري ومسلم] [2].

ومَن فَسد صومُها بخروجِ دمِ الحَيضِ أو النِّفاس؛

فإنَّه لا يلزَمُها إمساكُ باقي اليومِ؛ لأنَّها ليست بأهلٍ للصَّومِ، والتشبُّهُ بأهلِ العِبادةِ لا يصِحُّ مِن غَيرِ الأهلِ، ولأن الحَيضَ لو كان موجودًا في أوَّلِ النَّهارِ لم تُؤمَرْ بالصِّيامِ [الشربيني: مغني المحتاج، المؤلفون: الفقه المنهجي] [3].

قال الإمام النووي في المجموع “لَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمْسَكَتْ لَا بِنِيَّةِ الصَّوْمِ لم تأثم وانما تأثم إذَا نَوَتْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْعَقِدُ، ثم قال “إذَا طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ يُسْتَحَبُّ لَهَا إمْسَاكُ بَقِيَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا” [4]

ومع ما تقدم بيانه فإن الحائض والنفساء اذا رأتا الدم في نهار رمضان، فقد فسد صوم ذلك اليوم، وعليهما القضاء، والفطر مباح لهما بلا شك، ولكن ينبغي مراعاة الصائمين بعدم الأكل أمامهم، ولا سيما الأطفال، لأنهم يتأثرون برؤية المرأة من أقربائهم كأم أو أخت و نحوهما تأكل وتشرب في نهار رمضان، فإخفاء فطرها أمام الصغار أفضل، ما لم تكن هناك حاجة تدعو لذلك.

والحمد لله رب العالمين


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.


أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركيا إلى الآن..
والشيخ عضو رابطة علماء الشام، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، ورابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري (304). وصحيح مسلم (49).
[2] صحيح البخاري (321). ومسلم (335).
[3] محمد الخطيب الشربيني، مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 1/ 432، المؤلفون: د. مصطفى سعيد الخن – د. مصطفى البغا – الشيخ علي الشربجي، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي 2/ 80.
[4] النووي، المجموع شرح المهذب 6/ 257.