لدي ولدان الحمد لله وأنا حامل بالثالث. أشعر بضغط شديد وعدم الاندفاع إلى قراءة القرآن وحفظها والصلوات النافلة فكيف أصنع ؟
يجيب عن السؤال الشيخ الأستاذ الدكتور باسم حسين عيتانيي
السؤال
كيف يختار الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد
أختي السائلة أعانك الله تعالى على مسؤولياتك؛
أنت في مرحلة الحمل تمرُّ عليك عوارض كثيرة، والمرأة الحامل تعيش فترة تسعة أشهر يوجد فيها فترات تصاب بغثيان ودوران، وفترات تشعر بتعب لأن الجسم يتعرض للإجهاد لأجل تغذية الحمل ودعمه، وفترات تحدث لديها تغيرات نفسية من كآبة وقلق وغير ذلك من الحالات، وتختلف العوارض قوة وضعفاً بين حامل وحامل.والحمل وحده يؤدي إلى ضغط نفسي عليك، واعتناؤك بولدين صغيرين أيضاً يزيد من الضغوطات عليك كثيراً.
فالمرأة الحامل الصابرة المحتسبة لها ثنائية عظيمة: أجر كبير لها عند الله تعالى ومحو لخطاياها في حملها لما تعاني من أوجاع بدنية ومن آلام نفسية، فقد ورد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -“ما من مسلمٍ يُشَاكُ شوكةً فما فوقها إلا كُتب له بها درجة ومُحيت عنه بها خطيئة ” [رواه مسلم] وورد أيضاً: “مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ” [صحيح البخاري] تصوري في مدة تسعة أشهر من الحمل وما بعدها من النفاس والرضاعة فيها الآلام والأوجاع والتعب النفسي والجسدي كم سيكون لك من أجور تُكتَب وخطايا تُمحى، لا يعلم ذلك إلا الله.
فأنتِ في هذه المرحلة كالمجاهد في سبيل الله لأن المجاهد يبذل مهجته و روحه لإحياء الإيمان والدين والحفاظ عليهما ليجعل كلمة الله هي العليا، وأنت تبذلين روحك وحياتك لأجل إحياء نفس تحمل هذا الإيمان وتنشر هذا الدين، فقد روي في الحديث: “إِنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي حَمْلِهَا إِلَى وَضْعِهَا إِلَى فِصَالِهَا مِنَ الْأَجْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ هَلَكَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَهَا أَجْرُ الشَّهِيدِ“[مسند عبد بن حميد]
فلا تلومي نفسك، وانظري إلى الشريعة الإسلامية السمحاء التي رخصت للحامل أن تفطر في شهر رمضان خوفاً على نفسها أو على ولدها الذي في بطنها أو خوفاً على نفسيهما، وتقضي الأيام التي أفطرتها عند استطاعتها، فالله أعلم بمعاناة الحامل، فلذا خفف عنها رحمةً بها، ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [ تبارك: 14] إذاً أنتِ في وضع استثنائي لا يقاس عليه .
ماذا عليك أختي السائلة أن تفعلي وأنت في هذه الحالة التي وصفتِها لنا؟
1- أن تعتقدي بأنك تتعبدين الله في حملك هذا، وتصبرين وتحتسبين لله تعالى، فمن فَرادة التشريع الإسلامي أن جعل صوراً كثيرة ليست صور عبادة كالصلاة والصوم والحج في رتبة العبادة.
2- المحافظة على الصلاة دون ترك أي فرض.
3- المواظبة على السنن المؤكدة ما استطعتِ، وتستطعين أن تصلي النوافل قاعدة.
4- استمري في قراءة القرآن مااستطعتِ دون ترك ولوقليلاً ولوصفحة واحدة في اليوم، أو اقرئي فضائل السور، مثل: تبارك والواقعة ويس ما استطعت، ولو كان الأمر قليلاً فقليل دائم خير من كثير منقطع.
5- إن لم تستطيعي مراجعة القرآن فأكثري من الاستماع إلى القرآن من خلال المسجلات، فهذا يجعلك تستذكرين الآيات القرآنية وإن بالحد الأدنى.
6- إذا قلَّت صلاتك في النوافل فأكثري من الذكر والدعاء بلسانك كالتهليل والصلاة على النبي، ما استطعت بين الوقت والآخر.
واعلمي أختي السائلة أن الكرم الرباني أكثر مما تتصورين، فالحامل بمثاية المريض، والمريض يثبت له من الأجر ما كان يعمل وهو سالم صحيح، فأنتِ يثبت لك من الأجر ما كنت تعملين في حالة صحتك وعافيتك، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا مرض العبدُ أو سافر، كتب اللهُ تعالى له من الأجرِ مثلَ ما كان يعملُ صحيحًا مُقيماً” [ صحيح البخاري] فلا تثقلي على نفسك ولا تتشددي ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]
وأسأل الله أن يتمم لك بالخير والسلامة.
والله ولي التوفيق
د. باسم عيناتي
– صحيح مسلم، تحقيق:عبد الباقي، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، (١٣٧٤ هـ – ١٩٥٥ م) 1991/4 ر: 2572
– صحيح البخاري، تحقيق: البغا، دار ابن كثير، دمشق، ط5، (١٤١٤ هـ – ١٩٩٣ م) الحديث الأول: 2137/5 ر: 5318 – الحديث الثاني: 1092/3، ر:2834
الحديث الثاني:
– المنتخب من مسند عبد بن حميد، تحقيق: صبحي السامرائي، مكتبة السنة، القاهرة،
ط1، ( 1٤٠٨ه-1988م) ص254 ر:801