كيف يمكن للمسلم تعزيز شعور الشكر والامتنان في حياته اليومية؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

كيف يمكن للمسلم تعزيز شعور الشكر والامتنان في حياته اليومية؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد :

يكون ذلك من خلال عدة أمور، منها

أولاً

عندما يستشعر المؤمن عظمة المنعم سبحانه و تعالى، و أنه هو وحده الخالق و الموجد لها، وهو الذي يستحق الحمد و الشكر عليها. يقول تعالى: ﴿وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾[النحل 52-53]

يقول الإمام الطبري: ”وتأويل الكلام: ما يكن بكم في أبدانكم أيها الناس من عافية وصحة وسلامة، وفي أموالكم من نماء، فالله المنعم عليكم بذلك لا غيره، لأن ذلك إليه وبيده ..“ (1)

ثانياً

 كذلك عندما يستشعر عظمة هذه النعم الموجودة بين يديه وأهميتها ، وكذلك عندما ينظر إلى الذين حُرموا منها، و من هم أقلّ منه؛ فعند ذلك يتعزز لديه شعور الشكر والامتنان

فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنه قَالَ: قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَهُوَ أجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ، (2) وهذا لفظ مسلم.

ثالثاً

 و عندما يوجه هذه النعم ويستخدمهما صاحبها فيما خلقت له، فهذا حقيقة شكرها و هذا ما سيسأل عنه الإنسان يوم القيامة

يقول ابن رجب الحنبلي : ”فهذه النعم مما يُسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة ويُطالَب بها؛ كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾.“ [التكاثر :4]

وخرَّج الترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ”إن أولَ ما يُسأل العبدُ عنه يومَ القيامة من النعيم فيقال له : ألم نُصِحَّ لك جسمك، ونرويك من الماء البارد؟“ …. وقال ابن عباس : النعيم، صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يَسْأَلُ الله العباد فيم استعملوها؟ وهو أعلم بذلك منهما وهو قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}” (3)

وعلى هذه فعندما يستشعر المؤمن كل هذه المعاني؛ فبلا شك سيتعزز لديه شعور الشكر و الامتنان -أولاً- لله سبحانه و تعالى، خالق هذه النعم وموجودها، ثم لكل من أسدى إليه معروفاً من الخلق و الله أعلم

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ

الهوامش:

1- تفسير الطبري [17\224]
2- صحيح البخاري : حديث رقم (6490)، وصحيح مسلم: حديث رقم (2963)
3- جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي : [2\710]