كيف يمكن للمسلم أن يعزز صلته بالقرآن الكريم في حياته اليومية؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

كيف يمكن للمسلم أن يعزز صلته بالقرآن الكريم في حياته اليومية؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

مما لا شك فيه  أن تعزيز صلة المؤمن بالقرآن في حياته اليومية هدفٌ مهم ينبغي السعي إليه، وتحقيقه، ويتم هذا من خلال:

أولاً: تلاوة القرآن وقراءته بشكل يومي: احرص أخي السائل أن يكون لك حصة يومية من تلاوة القرآن ولو كانت تلك الحصة قليلة، المهم أن تكون مستمرة؛ فإن الاستمرارية تلعب دورًا كبيرًا في تقوية الصلة بالقرآن.

ثانياً: القراءة في الليل: قراءة القرآن في هدأة الليل والناس نيام تنشئ صلةً وثيقةً بين القرآن والقارئ؛ لِما لهذا الوقت من أثره الذي لا ينكر في القلب؛ مصداق قول الله تعالى: ﴿إِنَّ ‌نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 6] ، ومصداق قول الباري سبحانه: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ‌أُمَّةٌ ‌قَائِمَةٌ ‌يَتْلُونَ ‌آيَاتِ ‌اللَّهِ ‌آنَاءَ ‌اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113]

وذكر بعض أهل العلم بأن أحسن الأوقات لقراءة القرآن: وقت الفجر، واستدلّوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ‌إِلَى ‌غَسَقِ ‌اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78]  أي: تَشْهَدُهُ ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النهارِ. ولا شك أن في افتتاح اليوم بقراءة القرآن وذكر الله تعالى تحصُل السّكينة والطمأنينة وتزيد الصلة بالقرآن.(1)

ثالثاً: تدبر القرآن والتفكر بمعانيه من خلال: الاستعانة بكتب التفسير التي توضح المعنى الإجمالي للآيات، وربط الآيات التي تقرؤها وتطبيقها بحياتك اليومية.

رابعاً: الجمع بين القراءة والاستماع الصوتي للقرآن: فتختار أحد القراء الذين تحبّ الاستماع لأصواتهم، فتسمع منهم القرآن؛ لأن الصوت العذب والأداء المتقن لقراءة القرآن يحركان المعاني ويعززان التأثر بالقرآن، فينعكس عمقَ العلاقة بينك وبين القرآن.

خامساً: قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسير السلف الصالح وحالهم مع القرآن: فقد كانت علاقة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقرآن وثيقة جداً وكان ربما يقرأ الآية الواحدة يكرِّرُها طوال الليل؛ فعن أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَرَدَّدَهَا حَتَّى أَصْبَحَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] “. (2)

وكذلك كان حال أصحابه رضي الله عنهم، فهذه أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ افْتَتَحَتْ سُورَةَ الطُّورِ، فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] ‌بقيت ترددها طويلاً حتى قال الراوي: ذَهَبْتُ ‌إِلَى ‌السُّوقِ ‌فِي ‌حَاجَةٍ ، ‌ثُمَّ ‌رَجَعْتُ وَهِيَ تُكَرِّرُهَا {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] قَالَ: وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ. (3)

سادساً: الدعاء والتضرع إلى الله تعالى: أن يقوي صلتك بالقرآن ويمنَّ عليك بحسن استقبال رسائله.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1): ينظر: النووي: التبيان في آداب حملة القرآن ص64.
(2): مسند أحمد (21388).
(3): أبو عبيد القاسم بن سلام فضائل القرآن ص174.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.