كيف يمكن للمسلم أن يتحقق من نياته لضمان أن أعماله تنبع من الصدق والإخلاص؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

كيف يمكن للمسلم أن يتحقق من نياته لضمان أن أعماله تنبع من الصدق والإخلاص؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد؛

لا بد للمسلم أن يراقب نياته دائماً في ابتداء الأعمال و أثنائها؛ حتى يضمن الإخلاص و الصدق فيها ، و من الطرق العملية في كيفية التحقق من صدق النوايا و الإخلاص في الأعمال؛ أن يسأل المسلم نفسه دائماً : (لمن أعمل هذا العمل؟ و ممن أريد الأجر، من الله أم من الناس؟ و هل أنا ممن ينتظر الثناء و الإعجاب من الناس و أحاول أن يروني في هذه الحالة ؟… )

و على ضوء إجابته لنفسه؛ يتحقق من صدق نيته، و هذا ما دلَّ عليه الحديث الشريف -صراحةً- يقول عليه الصلاة و السلام : «إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه». مُتَّفَقٌ عليه.(1)

و حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: حَدَّثَني رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أنَّ اللهَ إذا كانَ يَوْمُ القِيامةِ يَنْزِلُ إلى العِبادِ لِيَقْضي بَيْنهُمْ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيةٌ، فأوَّلُ من يَدْعُو بهِ رَجُلٌ جَمعَ القُرْآنَ، ورَجُلٌ قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ، ورجُلٌ كَثِيرُ المَالِ.

فَيقولُ اللهُ لِلْقارئِ: ألم أُعَلِّمْكَ ما أنْزلْتُ على رَسولي؟ قال: بَلى يَا رَبِّ. قال: فَماذا عَمِلْتَ فِيما عُلِّمتَ؟ قال: كُنْتُ أقُومُ بهِ آناءَ اللّيْلِ وَآناءَ النَّهارِ، فَيقولُ اللهُ لهُ: كَذبْتَ، وتقولُ لهُ الملائِكةُ: كَذبْتَ، ويَقولُ اللهُ: بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فلانٌ قارِئٌ، فقد قِيلَ ذلك.

ويُؤْتى بصاحبِ المالِ، فَيقولُ اللهُ لهُ: ألم أُوَسِّعْ عَليْكَ حتَّى لم أدَعْكَ تَحْتاجُ إلى أحدٍ؟ قال: بَلى يا رَبِّ، قال: فماذا عَملْتَ فِيما آتَيتُكَ؟ قال: كُنْتُ أصِلُ الرَّحِمَ وأتَصدَّقُ، فَيقولُ اللهُ لهُ: كَذَبْتَ، وتَقولُ لهُ المَلائكةُ: كَذبْتَ، ويَقولُ اللهُ: بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فُلانٌ جَوادٌ، فقد قِيلَ ذلك.
ويُؤْتى بالّذِي قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ، فَيقولُ اللهُ لهُ: فِيماذا قُتِلْتَ؟ فيقولُ: أُمِرْتُ بالجِهادِ في سَبيلِكَ، فَقاتَلْتُ حتَّى قُتِلْتُ، فَيقولُ اللهُ تعالى لهُ: كَذبْتَ، وتَقولُ لهُ المَلائكةُ: كَذبْتَ، ويَقولُ اللهُ: بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فُلانٌ جَرِيءٌ، فقد قِيلَ ذلك”.(2)

و على هذا؛ فعلينا أن نحرص على التحقق من نوايانا قبل بداية العمل و في أثنائه، بأن تكون خالصةً لله تعالى، و لا يضر بعد ذلك ثناء الناس علينا و إعجابهم بعملنا، ما دامت النية الصادقة والإخلاص حاضراً، و لعل هذا الثناء و المدح يكون من الله أجراه على لسان عباده، و الله أعلم

الهوامش:

1- صحيح البخاري: 1/ 2، حديث (1)، وصحيح مسلم: 6/ 48، حديث (1907)
2- سنن الترمذي : 4/ 393، حديث (2540)، والحاكم في المستدرك: 2/ 455، حديث (1539)

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ