كيف يمكن للصدق أن يؤثر في تحسين أخلاق المسلم ومعاملاته مع الآخرين؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

كيف يمكن للصدق أن يؤثر في تحسين أخلاق المسلم ومعاملاته مع الآخرين؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد

فإن للصدق تأثيرٌ واضح في تحسين أخلاق المسلم و تعامله مع الآخرين؛ فهو يورث الثقة والاطمئنان والاستقرار في سائر التعاملات الدينية والأخلاقية والدنيوية مع سائر الناس، و هذا هو حقيقة البِرِّ كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح : « إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً ،… » متفقٌ عليه.(1)
و هذا المعنى جاءت هذه الآية العظيمة من سورة البقرة؛ لتأكيده و تأييده و الأمر به، يقول الله تعالى :﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾ وبعد أن ذكر الله تعالى هذه الجملة العظيمة من الأخلاقيات و التعاملات؛ أكّد مباشرةً على أنَّ أصحابها هم الصادقون فقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾[البقرة 177]

و في مجال التعاملات المالية -مثلاً- جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصدق فيها سبباً في حصول البركة فقال : « الْبيِّعَان بالخِيارِ ما لم يَتفرَّقا، فإِن صدقَا وبيَّنا بوُرِك لهُما في بَيعْهِما ، وإِن كَتَما وكذَبَا مُحِقَتْ بركةُ بيْعِهِما » متفقٌ عليه.(2) و في هذا تأكيدٌ على تأثير الصدق في تعامل المسلم مع الآخرين.
و هناك آيات و أحاديث أخرى كثيرة دلّت على هذا المعنى، ذكر بعضها الإمام النووي في باب مستقل سمَّاه ” باب الصدق” في كتابه المبارك رياض الصالحين، فيمكن الرجوع إليها

و على هذا؛ فعلينا أن نحرص على التحلي بهذا الخلق العظيم في كل شؤوننا و أحوالنا و تعاملاتنا؛ حتى نُكتب عند الله تعالى في الصدِّيقين، وكذلك عند الناس؛ فتستقيم حياتنا، و تستمر علاقاتنا و تعاملاتنا، و نهتدي إلى جنة ربنا، و الحمد لله رب العالمين

الهوامش:
1- صحيح البخاري: 8/ 30، حديث (6094)، وصحيح مسلم: 8/ 29، حديث (2607)
2- صحيح البخاري: 3/ 76، حديث (6079)، وصحيح مسلم: 5/ 10، حديث (1532)

 

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ