كيف يمكننا أن نفرق بين المعاني الحقيقية والمجازية في القرآن الكريم؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

 كيف يمكننا أن نفرق بين المعاني الحقيقية والمجازية في القرآن الكريم؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

الحقيقة: هي استعمال اللفظ في ما وضع له. مثل: رأيت أسدًا في الغابة، تقصدُ به الحيوان المعروف. أو كقوله تعالى عن العصا التي كان يحملها موسى عليه السلام بيده: ﴿قَالَ ‌هِيَ ‌عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ﴾ [طه: 18].

المجاز: هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة، مع قرينةٍ مانعةٍ من إرادة المعنى الحقيقي. مثل: رأيت أسدًا في المعركة، تقصد به رجلًا شجاعًا. فكلمة “أسدًا” مجاز، والعلاقة المشابهة بين الأسد والرجل الشجاع، والقرينة “في المعركة”. وكقوله تعالى: ﴿‌وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24]
ومما يشير للمعنى الحقيقي أو المجازي ويدل عليه في الآية عدة أمور منها:
– السياق العام للآية أو السورة.

– القرائن اللغوية: فاستخدام الكلمات والعبارات التي تشير إلى التشبيه أو الاستعارة يمكن أن يكون دليلاً على المجاز. كقوله تعالى عن سفينة نوح عليه السلام: ﴿‌تَجْرِي ‌بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾ [القمر: 14]
– الرجوع إلى الأحاديث النبوية وتفسيرات الصحابة.

– معرفة قواعد اللغة العربية وأساليبها البلاغية مثل الاستعارة والكناية والتشبيه يساعد في الدلالة على كون اللفظ المراد حقيقته أو مجازه؟

– القرائن العقلية: بعض المعاني لا يمكن أن يكون مدلولها في العقل على الحقيقية ، مثل قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا ‌يُرِيدُ ‌أَنْ ‌يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: 77] فالإرادة للجدار هنا لا يمكن أن تكون حقيقة لأن الإرادة فرع عن وجود العقل وهذا جماد، فتعين المعنى المجازي.

وأخيراً: معرفة الألفاظ الحقيقية والمجازية والتفريق بينها له أهميته، فهو يساعد في فهم النصوص بشكل صحيح، وأعمق وأكثر دقة، كما يساعد في تجنب التأويلات الخاطئة التي قد تؤدي إلى فهم غير صحيح للآيات، كما أنه يضيف أبعادًا جديدة لفهم النصوص، مما يساعد في استنباط الأحكام الشرعية بشكل أدق.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


ينظر لكل ما سبق: أسرار ‌البلاغة فى علم البيان لعبد القاهر الجرجاني ص247؛ البلاغة الواضحة لمجموعة من المؤلفين؛ الوجيز في أصول الفقه (2/16).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.