كيف نقرأ الحروف المقطعة التي في أوائل بعض سور القرآن بشكل صحيح؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

كيف نقرأ الحروف المقطعة التي في أوائل بعض سور القرآن بشكل صحيح؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم,

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

الحروف المقطعة:

هي حروف التهجِّي التي جاءت في مُسْتَهَلِّ تسعة وعشرين سورة من سور القرآن الكريم.

وقد جاء ترتيب هذه الحروف المقطعة في المصحف على ترتيب السور الواردة فيها، على النحو الآتي: الم – الم – المص – الر – الر – الر – المر – الر – الر – كهيعص – طه – طسم – طس – طسم – الم – الم – الم – الم – يس – ص – حم – حم – حم – حم – حم – حم – حم – ق – ن.

وهذا تفصيلها في السور الواردة فيها:

أمَّا “الم”: فقد جاءت في مفتتح ستة سور هي:  البقرة، آل عمران، العنكبوت‌‌ الروم، لقمان، السجدة.

أمّا “المص”: فقد جاءت في مستهل سورة الأعراف فقط.

أمّا “الر”: فقد جاءت مفتتح أربعة سور هي:  يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر.

أمّا “المر”:  فقد جاءت في مفتتح سورة الرعد فقط.

أمّا “‌‌كهيعص“: فقد افتتح بها سورة مريم فقط.

‌‌أمّا “طه”: فقد افتُتح بها سورة طه.

أمّا “طسم”: فقد افتتح بها سورة الشعراء، والقصص.

أمّا “طس”:  فقد افتتح بها سورة النمل فقط.

أمّا “‌‌يس”: فقد افتتح بها سورة يس فقط.

أمّا “ص”: فقد افتتح بها سورة ص فقط.

أمّا “‌‌حم”: فقد افتتح بها ستة سور هي: غافر، فصلت، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف.

أمّا “حم * عسق”: فقد افتتح بها سورة الشورى.

أمّا “ق”: فقد افتتح بها سورة ق فقط.

أمّا “ن”: فقد افتتح بها سورة ن فقط. (1)

عدد الحروف المقطعة:

بالنظر في هذه الحروف المقطعة نرى أن عددها مكررةً: ثمانية وسبعون حرفاً.

وعددَها دون تكرار: أربعة عشر حرفاً، مجموعة بقولهم: (نَصٌّ حكيمٌ قطعاً لهُ سرّ).

أمّا كيفية كتابة الحروف المقطعة: فقد رسمت هذه الحروف بصورة حروفها، أي مسمياتها.

وأمّا كيفية قراءة الحروف المقطعة: فقراءتها بأسمائها لا بمسمّياتها؛ أي نقرأ هجاء هذه الحروف، كما يأتي:

“الم”: هجاء هذه الحروف هو: ألف لام ميم.

“المص”: هجاء هذه الحروف هو: ألف لام ميم صاد.

“الر”: هجاؤها: ألف لام را.

“المر”: هجاؤها: ألف لام ميم را.

“‌‌كهيعص“: هجاؤها: كاف ها يا عين صاد.

“طه”: هجاؤها: طا ها.

“طسم”: هجاؤها: طا سين ميم.

“طس”: هجاؤها: طا سين.

“‌‌يس”: هجاؤها: يا سين.

“ص”: هجاؤها: صاد.

“‌‌حم”: هجاؤها: حا ميم.

“ق”: هجاؤها: قاف.

“ن”: هجاؤها: نون.

هذا ولهذه الحروف كيفية خاصة في نطقها، حيث يجب تطبيق أحكام التجويد التي تتعلق بها، من مد وإدغام وإخفاء.

وقد ميز العلماء هذه الحروف من حيث هجاؤها إلى نوعين:

النوع الأول: الحرف الذي يتألف هجاؤه من ثلاثة أحرف.

النوع الثاني: الحرف الذي يتألف هجاؤه من حرفين.

– أما الحروف التي هجاؤها حرفان، فهي: الحاء، والياء، والطاء، والهاء، والراء. وجمعوها بجملة: “حَيٌّ طَهُر“.

أما الحروف التي هجاؤها ثلاثة أحرف، فهي: السين، والنون، والقاف، والصاد، اللام، والكاف، والميم. وجمعوها بجملة: “سَنَقُصُّ لَكُم“.

وبالنسبة للحروف التي هجاؤها من حرفين، فإن حرف المد فيها يمدُّ بمقدار حركتين، على النحو الآتي:

“طه”: فإن الطاء هجاؤها من حرفين هما: الطاء، وحرف المد، وهو: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، فنمده بمقدار حركتين (طَاْ). وكذلك الحال مع حرف الهاء، فإن هجاءه من حرفين، هما: الهاء وحرف المد ، وهو الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، فنمده بمقدار حركتين (هَاْ).

وكذلك الراء من ” الر” فإن هجاء الراء مؤلف من حرفين هما: الراء وحرف المد، وهو هنا الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، فنمده بمقدار حركتين (رَاْ) .

وبالنسبة للحروف التي يتركب هجاؤها من ثلاثة أحرف: فإننا نمد حرف المد بمقدار ست حركات لزوماً؛ لمجيء الحرف الساكن بعد حرف المد،مثل:

“ق”: فإن هجاء القاف مكون من ثلاثة أحرف هي: القاف، وحرف المد، وهو الألف الساكنة المفتوح ما قبلها فيُمد لزوماً بمقدار ست حركات؛ لمجيئ الفاء الساكنة بعد حرف المد (قاْاْاْفْ).
أما بالنسبة لكيفية قراءة الحروف الأخرى غير الممدودة عندما تتجاور، فإننا نطبق فيها أحكام التجويد المعروفة، وكمثال على ذلك:

“الم”: فإن هجاء حروفها هو: (ألفْ لَاْمْ مِيْمْ) وعند القراءة فإننا نقرؤها على النحو الآتي بالترتيب:

1- أَلِفْ: نقرؤها كما ننطقها؛ حيث لا يترتب على قراءتها أي حكم تجويدي.

2- لَاْمْ: هنا اللام المفتوحة جاء بعدها حرف مد، وهو الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، وبعد حرف المد جاء حرف الميم ساكناً، فالحكم التجويدي الواجب تطبيقه هنا هو: المد اللازم، فنمد حرف المد (الألف الساكنة) لزوماً بمقدار ست حركات؛ لمجيء السكون بعده، فنقرأ: (أَلِفْ لَــاْ اْ اْ مْ).

3- مِيْمْ: الميم المكسورة جاء بعدها حرف مد، وهو الياء الساكنة المكسور ما قبلها، وبعده ميم ساكنة، فالحكم التجويدي الواجب تطبيقه هنا هو: المد اللازم أيضاً، فنمد حرف المد (الياء الساكنة) بمقدار ست حركات لزوماً كذلك؛ لمجيء السكون بعدها، فنقرأ: (مِيْ يْ يْ مْ).

4- عند أداء “الم”، (أَلِف لَاْ اْ اْ مْ مِيْ يْ يْ مْ): فإننا نلحظ أنه التقى حرفان متماثلان هما: الميم الساكنة من هجاء (لامْ) والميم المكسورة من هجاء (مِيْم)، وكما هو معلوم، إذا التقى حرفان متماثلان الأول منهما ساكن والثاني منهما متحرك، فإنه يجب إدغامهما، بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً (لَاْمّ)؛ وعليه فإن الحكم التجويدي الذي نشأ من تجاور هذه الحروف هو: المد اللازم الحرفي المثقل بسبب الإدغام بين الحرفين المتماثلين؛ لذلك نمد الألف الساكنة لزوماً بمقدار ست حركات.

– وأخيراً يصير الأداء على هذا النحو: (أَلِفْ) نقرؤها بدون أي حكم، ثم نقرأ اْ اْ اْم) نمد الألف ست حركات، ثم نقرأ الإدغام مع الغنة بين الحرفين المتماثلين (مْ مِ= مِّ)، ثم ننتقل من الغنة الناشئة عن الإدغام، إلى حرف المد وهو الياء الساكنة، ونمده بمقدار ست حركات (ميْ يْ يْ مْ)، فيصير النطق: أَلِفْ لاْ ا ْا ْمِّيْ يْ يْ مْ.

ملحوظة:

حاولت بهذا الشرح تبسيط الحكم قدر ما أستطيع، لكن لا يغني هذا الشرح مهما كان مبسطاً عن قراءة هذه الحروف مع أحد أساتذة الإقراء، يبين للسائل الطريقة الصحيحة للنطق، مع مواطن الإدغام، والإخفاء، ومقدار المد في كل حرف ممدود.

كما أنصح الأخ السائل، بمراجعة أحكام التجويد، وخصوصاً حكم المد اللازم بنوعيه: المد اللازم الكلمي (المثقل والمخفف)، والمد اللازم الحرفي ( المثقل والمخفف).

فائدة:

أكثر العلماء من المفسرين واللغويين قالوا في بيان الحروف المقطعة: إنها أسماء للسور التي افتتحت بها، وسمِّيت بها، ويؤكد هذا أَنّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ: “الم” تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، ‌وَهَلْ ‌أَتَى ‌عَلَى ‌الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ”. (2)

وذكر بعض أهل العلم أن المقصود من الحروف المقطعة، البيان والإشارة إلى إعجاز القرآن؛ وكأن القرآن يخاطب العرب أرباب الفصاحة فيقول: إن هذا القرآن منتظمٌ من عين الحروف التي تتكلمون بها، ومع ذلك أنتم عاجزون عن الإتيان بمثله، فلولا أنه رباني المصدر لما أعجزكم عن مجاراته.(3)

وأخيراً:

سواء أدركنا الحكمة من الحروف المقطعة أم لم ندرك، سيبقى القرآن الكريم كتابنا، ودستورَنَا، ونبراسَنا، وسيبقى جُنةً، ورِفعةً ، وهدايةً، وسبيلَ إسعادٍ ودربَ أمان.  فالحمد لله على نعمة القرآن، حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): ينظر لكل ما سبق: إبراهيم الجرمي، معجم علوم القرآن، ص205.
(2):  صحيح مسلم (879).
(3): معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي (1/55)؛ الإتقان للسيوطي (3/383).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.