كيف نشرح للطفل أن عيد الميلاد ونحوه من التقاليد ليست من أمور ديننا؟ وكيف نعوضه عن تلك الفعاليات؟
يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي
السؤال
كيف نشرح للطفل أن عيد الميلاد ونحوه من التقاليد ليست من أمور ديننا؟ وكيف نعوضه عن تلك الفعاليات؟
الجواب
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله وصحبه و من والاه، وبعد:
يقول تعالى: ﴿ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج 78]،فهو الذي سمّانا وحدد شخصيتنا، ووضح علاقتنا تجاه سائر الأمم؛ فجعلنا شهداء عليهم لا أتباع لهم، وهذا ما أكّده حديث: «لا تكونوا إمَّعَة»(1)،
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:« كنّا في الجاهليةِ نُسَمِّي الإمَّعَةَ الذي يأتي الطعامَ ولم يُدْعَ إليه؛ إلّا أنّ الإمَّعَةَ فيكم المُحْقِبُ دينَه »أي : الّذي يتبع كلّ أحد على دينه.(2)
و من هذه الأمور التي تدل على التبعية والإمعية؛ الاحتفالُ بعيد الميلاد على الهيئة التي يمارسها معظم المسلمين اليوم، تقليداً أعمى، وتشبهاً بعادات وتقاليد غير المسلمين حرفاً بحرف؛ فهذا مما لا يتوافق مع مبادئ ديننا.
فهذا مما لا بد من بيانه وشرحه لأطفالنا، و في الوقت ذاته، لا بد -أيضاً- من تبيان أنَّ فكرة الاهتمام بيومٍ ما -كميلادٍ أو حدوثِ نعمة-، وجعل له ميّزة خاصة عن باقي الأيام، و التعبير عن الفرح به بعمل أو عبادة ما؛ أنّ الأصل فيه الإباحة، وقد سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَومِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ، فَقَالَ: «ذَلِكَ يَومٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَومٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ».(3)
ولتعويض أطفالنا عن تلك الاحتفاليات والفعاليات المحرمة؛يمكن أن نحتفل ونفرح بيوم ميلادهم، مع ترك التشبه واجتناب تلك المحرمات المرافقة، ومع مراعاة بعض الأمور الأخرى، ومنها -مثلاً – :
1- تغيير يوم الاحتفال تقديماً أو تأخيراً أو زيادة أيام معه: فلا يشترط أن يكون بنفس يوم الميلاد، وذلك بناءً على مبدأ المخالفة الذي أكّد عليه ديننا
2- ربط ذكرى ميلادهم بتحقيق إنجاز معين، فنصرف عن أذهانهم فكرة التشبه والتقليد بأن الاحتفال فقط لأجل الميلاد؛ و إنما الاحتفال والفرح يكون باقتران الميلاد مع العمل والإنجاز كما قال صلى الله عليه وسلم : «خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ».(4)
و بهذا، يمكننا التوفيق بين الذين يقولون بحرمة الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي مطلقاً و بين الذين يجيزونه مع التساهل في بعض الضوابط، و بالوقت ذاته نعوّض أطفالنا عن ذلك الاحتفال المحرم ، و الله أعلم
الهوامش:
1- سنن الترمذي، حديث رقم (2008)
2- مجمع الزوائد، للهيثمي، [ 4\59 ]
3- صحيح مسلم، حديث رقم (1162)
4- سنن الترمذي، حديث رقم (2329)
الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م
نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول
تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.
عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي
و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية
للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ