كيف نحبب اللحية للشباب؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

كيف نحبب اللحية للشباب؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:

إعفاء اللحية من الأمور التي دعا إليها الإسلام و أمر بها في كثير من الأحاديث الصحيحة، و مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.»(1)

و قد اختلف العلماء في حمل هذا الأمر على الوجوب أو الندب ؛ فذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ -وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ- إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ لأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِلأَمْرِ النَّبَوِيِّ الوارد في الأحاديث (2).
وَالأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ مَكْرُوهٌ، و حملوا الأمر في الأحاديث الواردة على الندب(3).
قال الشيخ البكري الدمياطي في تعليقه على فتح المعين : ( قوله: “ويحرم حلق لحية” المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام ابن حجر في التحفة والرملي والخطيب وغيرهم: الكراهة )(4).

و لابد لنا في سياق أمر الشباب بإعفاء اللحية من سلوك طريق التحبيب بها ، و هذا يكون باتباع الخطوات الآتية:

1- تعريفهم بما يترتب عليها من أجر وفضل الالتزام بالعبادات و الأوامر الإلهية عامة، و أنها علامة ظاهرة على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم و الانتساب له، و مخالفة من يخالف منهجه و سنته، كما في حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ”(5)

2- تعريفهم بأنها من مظاهر الجمال و الزينة الفطرية للرجال التي خلقهم الله عليها، كما في حَدِيث السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ ، و عَدَّ مِنْهَا ” إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ”(6) .

3- تعريفهم بأنها مظهرٌ من مظاهر الرجولة في عرف المجتمع المسلم

4- و أخيراً لا بد من الطريقة العملية في تحبيبهم بها و هي التزام الأب أو من يقوم على أمر الشباب بها قبل أن يأمرهم بإعفائها و هذه تربية بالاقتداء، و الله أعلم.

بناءً على ما سبق :

لا بد لنا كآباء و أولياء أمور للشباب من استعمال الحكمة و الموعظة الحسنة في أمر شبابنا بإعفاء اللحية، و تحبيبهم و ترغيبهم بها، من خلال اتباع الخطوات التي ذكرناها أعلاه، مع تعزيز الانتماء إلى هذا الدين بكل مظاهره و صوره الظاهرة و الباطنة، مع الدعاء لهم بالثبات و الهداية و التوفيق و الحمد لله رب العالمين

المصادر و المراجع :

1-صحيح البخاري : رقم ( 5892)، [7\160]

2- الموسوعة الفقهية الكويتية : [35\226]

3- حاشية القليوبي : [4\205]

4- إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين ، المؤلف: أبو بكر (المشهور بالبكري)الدمياطي ، دار الفكر ، الطبعة الأولى،[2\386]

5- صحيح مسلم : رقم (260) [1\153].

6- صحيح مسلم : رقم (261) [1\153].

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ