كيف أفعل عندما يحدث خلاف بين أمي وزوجتي؟

بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛ فإن الخلاف بين البشر أمر طبعي معهود، قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)[هود: 119]، لم يسلم منه أحد، وخصوصاً ما يجري بين النساء من زوجات أو أصهار، فالقصص والأخبار في هذا الباب لا تنتهي. ولا أحد معصوم من الانفعال أو الغضب، إلا من عصمه الله واصطفاه، وقليل ماهم.

إذا عرفنا هذا، وأنه لا مفر من وقوعه، فلابد أن يتسلح المرء بالصبر، ويتدرع بالحكمة، ويتعرف على سبل الخروج من ذلك النفق الضيق الذي تلجأ إليه بعض النفوس، فيعرف لأمه حقها، ويعرف لزوجته حقها، ويحاول أن يوفق بينهما ما استطاع إلى ذلك سبيلا، مع عدم الحيف. ولا شك أن حق الأم عظيم، وخطره جسيم، للنصوص الشرعية الكثيرة في تعظيم حقها وإعلاء شأنها، ولولم يكن إلا حديث: “أمك ثم أمك ثم أمك”، كرره ثلاث مرات، (متفق عليه)(١) لكفى في بيان عظم حق الأم وإنزالها المنزل اللائق بها.

ومع عظم خطر حق الأم، فإن الرجلَ عليه أن يكون عاقلاً وحكيماً في جسر الهوة بين أمه وزوجته في حال حدوثها، وأن يتصرف تصرفاً يعود على حياته بالسعادة والطمأنينة، ويطيب خواطر من حوله.

وهناك أمور ينبغي التذكير بها في هذا الصدد:

إظهار التقدير والاحترام:

لاشك أن هناك عاطفة تنشأ من علاقة الرجل بزوجته، وقد تطغى عليه تلك العاطفة من حيث لا يشعر، فقد تظن الأم أن ابنها لا يقدرها كما ينبغي، لهذا على الرجل أن يظهر لأمه التقدير والاحترام اللائق بها، ويسعى لرضاها وتطييب خاطرها، ويصرح لها بمشاعره ولا يبقيها دفينة في قلبه، أو حبيسة في صدره.

إعادة توطيد العلاقات:

وذلك بأن يهدي لأمه هدية لائقة بها، ويدخل عليها الفرح والسرور، وكذلك لا ينسى زوجته، فيهديها في مناسبة معينة ما يفرحها، عملاً بقول الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)[النساء: 19]. وبذلك يكسب قلبهما ولا يخسر واحدة منهما. أو بالخروج في نزهة على سبيل المثال، وغيرها مما من شأنه أن يخفف من الضغوط النفسية.

حسن الاستماع:

على الرجل أن يكون عادلا ً في الاستماع إلى الطرفين معاً، وأن يصبر على ذلك، لأن المرأة من طبيعتها أنها تحب أن تفرغ ما بداخلها من كلام وخواطر ومشاعر، فلا ينبغي أن يتضايق الرجل من ذلك، ثم إذا فرغت المرأة من كلامها عليه أن يجيب ويعلق باختصار مع شيء من المدح والثناء وامتصاص الغضب، فهذه طريقة ناجعة ومفيدة.

وضع حد للخصوصية:

على الزوج وكذلك الزوجة احترام وتقديس العلاقة الخاصة التي نشأت بينهما بعد الزواج، التي سماها القرآن الكريم الميثاق الغليظ، قال تعالى: (وأخذن منكم ميثاقا غليظا)[النساء: 21]. وهذا الميثاق يحتم على الطرفين أن لا يتحدث أحدهما عن خصوصياته أمام الناس، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله: “إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها”(2). فصيانة السر وحفظه من النشر والإذاعة أمر واجب. وما خرج سر أهل بيت إلا ونالتهم المشاكل وأتتهم المصائب من حيث يشعرون ولا يشعرون.

وبعد؛ فهذه بعض الطرق والحلول التي يوصي باتباعها أهل العلم والفضل للخروج من قمقم المشاكل الأسرية، ولتفادي وقوع ما لا يحمد في الأسر والعوائل وبين أهل البيت الواحد، والعاقل بصير بنفسه ويترفع عن الدنايا والنزول إلى الحضيض، فليربأ المسلم العاقل بنفسه وأهل بيته من ذلك، والله يتولانا بهدايته، وهو حسينا ونعم الوكيل.