كيف أتأكد أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

كيف أتأكد أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

مما لا شك فيه أن من المبشِّرات التي تُفرح قلبَ المؤمن رؤيتُه المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام؛ وقد سأل رجل أَبَا الدَّرْدَاءِ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ مُنْذُ أُنْزِلَتْ، هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ‌يَرَاهَا ‌المُسْلِمُ ‌أَوْ ‌تُرَى ‌لَهُ». (1) قوله: “أو تُرى له”؛ يعني: أو يَرى تلك الرؤيا أحدٌ لأحد. وسميت الرؤية الصالحة: مبشِّرة؛ لأنها تحصُل للشخص منها بشارة وفرح. (2)

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تتعلق برؤيته في المنام وبألفاظ مختلفة منها:

ما جاء عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “مَنْ ‌رَآنِي ‌فِي ‌الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يتمثَّل الشَّيْطَانُ بِي”. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رآه في صورته. (3)

وعَنْ ‌أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌مَنْ ‌رَآنِي ‌فِي ‌الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.» (4)

وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « ‌مَنْ ‌رَآنِي ‌فِي ‌الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، أَوْ لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ، لَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي .» (5)

وعَنْ ‌أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «‌مَنْ ‌رَآنِي ‌فَقَدْ ‌رَأَى ‌الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَكَوَّنُنِي”. (6)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، ‌فَقَدْ ‌رَآنِي ‌فِي ‌الْيَقَظَةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ عَلَى صُورَتِي “. (7)

 لكن كيف يمكن للمسلم التأكد من أن ما رآه في منامه هو النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً؟

ذكر بعض أهل العلم أن الأحاديث السابقة عامة في كل من يرى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن قالوا:  يشترط لمن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أن يراه على أوصافه التي ذكرها أصحابه رضوان الله عليهم، كما رأوه بأعينهم حال حياته، وهي الأوصاف المذكورة في كتب السنة وخصوصاً تلك المخصصة لذكر شمائله صلى الله عليه وسلم، ككتاب الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية للإمام الترمذي، وكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض، وغيرها.

إذاً لا بد على هذا القول من مقارنة ما يراه الرائي، مع ما الوَصف الخِلقي الذي نقله الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم، مما هو مزبور في كتب السنة.
أما من يقول إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على غير ما هو موصوف به صلى الله عليه وسلم من أوصافه الخِلقية، فتكون هذه الرؤيا على سبيل الرمز؛ لذلك قال أهل العلم: الرؤيا على قدر الرائي؛ أي قد يرى أحدهم النبي صلى الله عليه وسلم طفلاً صغيراً أو شاباً أو كهلاً ومريضاً ومعافى… ففي هذه الرؤيا رموز فالطفولة مثلاً تدل على الطهارة والبراءة، وقد تدل على الضعف فهذا قد يرمز لعلاقة الرائي بالنبي صلى الله عليه وسلم… يقول الحافظ ابن حجر: ويجوز أن يكون مقصود تلك الرؤيا معنى صورته وهو دينه وشريعته فيعبِّرُ بحسب ما يراه الرائي من زيادة ونقصان أو إساءة وإحسان”. (8)

لكن الإمام النووي رد على هذا الفهم، واعتبر أن كل رؤيا أُخبر  بها الرائي أن من يراه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء أخبره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أو غيره، أو وقع في قلبه أنه رسول الله، وعلى أي صفة كانت؛ أنها رؤيا حق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها؛ لما ذكره المازري قال القاضي قال بعض العلماء: خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صِدق ومُنع الشيطان أن يتصور في خِلقته، لئلاّ يَكْذِبَ على لسانه في النوم، كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم السلام بالمعجزة، وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ولم يوثق بما جاء به مخافةً من هذا التصور؛ فحماها الله تعالى من الشيطان ونزغه ووسوسته وإلقائه وكيده.(9)

وقال الإمام النووي في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم “من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو لكأنما رآني في اليقظة”: قال العلماء إن كان الواقع في نفس الأمر فكأنما رآني فهو كقوله صلى الله عليه وسلم “فقد رآني” أو “فقد رأى الحق” كما سبق تفسيره، وإن كان سيراني في اليقظة ففيه أقوال: أحدها: المراد به أهل عصره ومعناه أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله تعالى للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عيانا.

والثاني: معناه: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة لأنه يراه في الآخرة جميعُ أمته من رآه في الدنيا ومن لم يره.

والثالث: يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته. (10)

أما قوله صلى الله عليه وسلم: “وَلَا يتمثَّل الشَّيْطَانُ بِي”: قال ابن حجر: “فيه إشارة إلى أن الله تعالى وإن أَمكنه (أي أمكنَ الشيطان) من التصور في أي صورة أراد، فإنه لم يُمَكِّنْهُ من التصور في صورة النبي صلى الله عليه وسلم”. (11)

وقال ابن بطال: “هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن الغيب، وأن الله تعالى منع الشيطان أن يتصور على صورته. وقوله: “فسيراني في اليقظة”: يعنى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق، لأنه عليه السلام ستراه يوم القيامة في اليقظة جميع أمته من رآه في النوم، ومن لم يره منهم”. (12)

ومعنى قوله: “فقد رأى الحق”: الحق هنا: ضد الباطل وضد الكذب، يعني: من رآني في المنام فقد صدقت رؤياه، فإنه قد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي. أي رؤياه صحيحة ثابتة لا أضغاث أحلام ولا خيالات. (13)

وقال الإمام القسطلاني: سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها، لكن يكون في الأُولى مما لا يحتاج إلى تعبير ، والثانية (على غير صفته المعروفة) مما يحتاج إلى التعبير. (14)

وأما ما جاء في رواية “فَقَدْ ‌رَآنِي ‌فِي ‌الْيَقَظَةِ”: قال السندي: أي: فرؤياه حق بحيث كأن رؤيته تلك رؤيةً في اليقظة (كأنه رآه في اليقظة). (15)

ملحوظات تتعلق برؤية النبي صلى الله عليه وسلم مناماً

– رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جائزة شرعاً وعقلاً، وواقعة فعلاً، وما مِن شكٍ أن رؤيته صلوات الله وسلامه عليه فرحةٌ لا تضاهيها فرحة، وأمنية غالية لا تدانيها أمنية، فالمسلم المحب للنبي صلى الله عليه وسلم مستعدٌ لأن يبذل أهله وماله مقابل أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “‌من ‌أشد ‌أمتي ‌لي ‌حبًّا، ناس يكونون بعدي، يودُّ أحدهم لو رآني، بأهله وماله”.(16)

 قال الصنعاني: “أي بإعطاء ذلك في مقابَلة الشرف برؤيته، أي لو أَدْرَكَ حياتي أو لو رآني في منامه”.(17)

الأحاديث التي جاء بها الوصف الخِلْقِي للنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها حديث هند بن أبي هالة، وحديث أم معبد الخزاعية، وحديث أنس بن مالك… وهذا جزءٌ من حديث هند بن أبي هالة الطويل أذكره للبيان: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافًا، عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْتَهِي، أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ…”. (18)

– يرى بعض أهل العلم، ومنهم الإمام ابن جزي الغرناطي من المتقدمين، والشيخ مصطفى الزرقا من المعاصرين؛ بأن الأحاديث المتعلقة برؤية النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بالصحابة رضي الله عنهم فقط؛ لأنهم الذين رأوه صلى الله عليه وسلم على صفته التي خلقه الله عليها، ومن سواهم فلا. فقالوا: إنما تصح رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأحد رجلين:

أحدِهما: صحابي رآه يعلم صفته؛ فإنه إذا رآه في المنام جزم بأنه رأى مَثَلَه المعصوم من الشيطان؛ وبالتالي فإن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها امتداد في الزمان، بل هي موقوته وأنها انتهت بوفاة آخر صحابي من الصحابة الكرام الذين عايشوا النبي صلى الله عليه وسلم، أو شاهده أحدهم ولو مرة واحدة، وتعرّف صورته الحقيقية؛ وبالتالي فلا تشمل الأحاديثُ النبوية السابقة شيئاً من هذه الرؤى التي يراها أحد من الأجيال اللاحقة؛ لأنَّ قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: “من رآني” فإنّ ضمير المتكلم عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي إلى شخصه وهيئته وصورته الحقيقية التي كان عليها، وهذا لا يتحقق إلاّ لمن رأى صورته الحقيقية، وهم أصحابه الكرام ، وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يتمثل بي” يؤكد هذا المعنى؛ أي لا يتمثل في صورتي المعروفة لديكم.  قال ابن جزي مؤكداً هذا الفهم: ” وقال العلماء لا تصح رؤية النبي صلى الله عليه وسلم قطعًا إلا لصحابي رآه لحافظِ صفتِه، حتى يكون المثال الذي رآه في المنام ‌مطابقاً ‌لخلقته صلى الله عليه وسلم”. (19)

وثانيهما: رجل تكرر عليه سماع صفاته المنقولة في الكتب، حتى انطبعت في نفسه صفاته صلى اللَّه عليه وسلم، وأما غير هذين فلا يحصل الجزم؛ بل يجوز أن يكون من تخييل الشيطان، ولا يُفيده قول المرئي: “أنا رسول الله”، ولا قولُ من يحضر: “هذا رسول اللَّه”، لأن الشيطان يكذِبُ لنفسه، ويكذِبُ لغيره، فلا يحصل الجزم.. (20)

روى أَبو هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: حَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ، وَبُشْرَى مِنَ اللهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ. (21) من هذا الحديث ندرك أن ما يراه الإنسان في منامه ينقسم إلى أقسام ثلاثة:

القسم الأول: رؤيا: وهذه من الله عز وجل، وهذه غالباً ما يراها المؤمن الصادق، وتكون رؤياه صحيحة، وعلامتها أن يقع الأمر مصدِّقاً لها. وهي التي أخبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: “الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستة وأربعين جزء من النبوة”.

القسم الثاني: حُلم وإفزاعٌ من الشيطان: يُخيَّل للنائم أشياء تزعجه وتقلقه؛ لأن الشيطان يحرص على ما يؤذي بني آدم ويزعجه ويقلقه ويحزنه؛ كما قال الله تعالى: ﴿‌إِنَّمَا

النَّجْوَى ‌مِنَ ‌الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 10]

ومثل هذه الأحلام إذا رآها الإنسان فإن دواءها أن يستعيذَ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى ويتفل عن يساره ثلاث مرات ثم ينقلب إلى الجنب الثاني ولا يحدِّث بذلك أحداً فإنها لا تضره. وعلة التفل: كراهية تلك الرؤيا وتحقير الشيطان. (22)

والقسم الثالث: رؤيا يراها النائم مما يقع له من الأمور في حال يقظته وقد تكون هذه الأمور التي مرت به في حال اليقظة تعلقت بها نفسه، أو من شيء عاناه، فيراه في منامه، وهذا النوع لا حكم له؛ لأنها من جنس حديث النفس. (23)

– مع كون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على صورته المعروفة في السنة والسيرة النبوية دليلُ خيرٍ وبشرى لصاحبها، فإنه لا يجوز بناء الأحكام والمواقف والتصرفات عليها، فهي مبشرات تبعث الأمل، ويُفْرَح ويُتفاءل بها، ولا يبنى عليها حُكْم من أحكام الشريعة.

ـ الأسباب التي تجعل المسلم يرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام متوقفة ـ بعد فضل الله تعالى ـ على طاعة الله سبحانه، ومدى حب النبي صلى الله عليه وسلم، والشوقَ لرؤيته، واتباع سنته، وكثرة الصلاة عليه.. وكلما كان الإنسان أتقى لله عز وجل، وأكثر شوقاً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ كان توقع رؤياه للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر احتمالاً من غيره، ولا يلزم من عدم الرؤية له عدم صلاح الشخص، ولا يلزم أيضاً من شدة التقوى والمتابعة رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأمر في النهاية توفيق من الله تعالى، وفضل من الله يؤتيه من يشاء.

رؤية النبي في المنام تعد من المبشرات؛ لأنها تبشر بأن الرائي سيرى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة في الجنة ويجتمع به.

يقول الحافظ ابن حجر: “ومن فوائد رؤيته صلى الله عليه وسلم تسكينُ شوقِ الرائي لكونه صادقاً في محبته ليعمل على مشاهدته، وإلى ذلك الإشارة بقوله: “فسيراني في اليقظة” أي: من رآني رؤية مُعَظِّمٍ لِحُرْمَتي ومشتاقٍ إلى مشاهدتي، وصل إلى رؤية محبوبه وظفِر بكل مطلوبه”. (24)

وأخيراً:

رؤية النبي قد تكون دافعاً وحافزاً للرائي لتحسين العلاقة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، وبدء علاقة جيدة معه صلى الله عليه وسلم مبناها الحب والالتزام والتطبيق لسنته صلى الله عليه وسلم. فاللهم أكرمنا برؤيته في الدنيا وشفاعته في الآخرة، واجمع بيننا وبينه كما جمعت بين الروح والنفس… آمين.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): ينظر:  سنن الترمذي (2273) والفظ له؛ صحيح مسلم (479).
(2): الحسين بن محمود المشهور بالمظهري المفاتيح في شرح المصابيح (5/103).
(3): صحيح البخاري (6592).
(4): صحيح البخاري (6994).
(5): صحيح مسلم (2266).
(6): صحيح البخاري (6997).
(7): مسند أحمد (3798).
(8): ابن حجر: فتح الباري (12/386).
(9): شرح النووي على صحيح مسلم (15/25)؛ أحمد بن إسماعيل الكوراني: الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (10/476).
(10): النووي شرح صحيح مسلم (15/26).
(11): فتح الباري لابن حجر (12/386).
(12): ابن بطال: شرح صحيح البخاري (9/527).
(13): الحسين بن محمود المشهور بالمظهري المفاتيح في شرح المصابيح (5/105).
(14): إرشاد الساري إلى صحيح البخاري  (10/135).
(15): حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/448)؛ شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره ص278؛ محمد الخضر الشنقيطي كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (3/469).
(16): صحيح مسلم (2832).
(17):  الصنعاني: التنوير شرج الجامع الصغير (9/579).
(18): المعجم الكبير للطبراني (414).
(19): ينظر: ابن جزي: القوانين الفقهية ص290.
(20): مطفى الزرقا رؤيا النبي في المنام ؛ محمد إسماعيل المقدم: أصول بلا أصول ص45 نقلاً عن كتاب “مصائب الإنسان من مكائد الشيطان”.
(21): صحيح البخاري (7017)؛ سنن ابن ماجه (3906).
(22): الحسين بن محمود الشهير بالمظهري المفاتيح في شرح المصابيح (5/106).
(23): ينظر: المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم (6/8؛ التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن (32/118)؛ فتح الباري لابن حجر (12/407).
(24): ابن حجر فتح الباري (12/358).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.