سمعت أن الأمة الإسلامية ضاعف الله لها الأجور، وأثابها على الأعمال الصغيرة أجوراً كبيرة؟ ماهي تلك الأعمال؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

سمعت أن الأمة الإسلامية ضاعف الله لها الأجور، وأثابها على الأعمال الصغيرة أجوراً كبيرة؟ ماهي تلك الأعمال؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم,

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أعمال البر التي تُضاعف بسببها الأجور، وتنال بها الأجور الكبيرة على الأعمال الصغيرة، كثيرة، وهذه بعض هذه الأعمال، أعانني الله وإياكم على تطبيقها:

إنظار المعسر:

وهو إمهال المَدين المعسر الذي لا يجد وفاءً لدينه، وعدم الاستعجال عليه في استرداد الدين عند حلول أجل الدين.

روى الإمام أحمد عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ “، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ” مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا ‌فَلَهُ ‌بِكُلِّ ‌يَوْمٍ ‌مِثْلَيْهِ ‌صَدَقَةٌ “، قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَقُولُ: ” مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ “، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: ” مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا ‌فَلَهُ ‌بِكُلِّ ‌يَوْمٍ ‌مِثْلَيْهِ ‌صَدَقَةٌ “، قَالَ لَهُ: ” بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ ‌فَلَهُ ‌بِكُلِّ ‌يَوْمٍ ‌مِثْلَيْهِ ‌صَدَقَةٌ “. (1)

تنفيس كرب المعسر الذي لا يجد وفاء لدينه

روى الإمام مسلم في صحيحه، عَنْ ‌عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ « أَنَّ ‌أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ، فَتَوَارَى عَنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ فَقَالَ: إِنِّي مُعْسِرٌ، فَقَالَ: آللهِ؟ قَالَ: آللهِ. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ ‌مِنْ ‌كُرَبِ ‌يَوْمِ ‌الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ .». (2)

وهذا حديث للمصطفى صلى الله عليه وسلم جمع جملة أعمال يترتب عليها أجوراً كبيرة

روى الإمام مسلم في صحيحه عن الَنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ ‌فِي ‌عَوْنِ ‌الْعَبْدِ ‌مَا ‌كَانَ ‌الْعَبْدُ ‌فِي ‌عَوْنِ ‌أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ”. (3)

التوبة:

بالإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم على ألا يعود: رتب الله عليه أجوراً مضاعفةً، فقال: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ ‌يُبَدِّلُ ‌اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]

السنة الحسنة في الإسلام:

وهي كل عمل خير يفعله المسلم لم يسبقه إليه أحد قبله، وله أصل صحيح معمول به في شرعنا الحنيف، فتتابع الناس على فعله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه الإمام مسلم في صحيحه: ” ….مَنْ ‌سَنَّ ‌فِي ‌الْإِسْلَامِ ‌سُنَّةً ‌حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ…”. (4)

صيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً، وقيام ليلة القدر

روى البخاري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “مَنْ ‌صَامَ ‌رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”. (5)

وقال صلى الله عليه وسلم قَالَ: (‌مَنْ ‌قَامَ ‌رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). (6)

بناء المساجد لوجه الله تعالى

روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان قال: ” إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ “مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى (قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ) بَنَى اللَّهُ لَهُ ‌بيتا ‌في ‌الجنة”. (7)

الصلاة ورمضان وصلاة الجمعة

قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما رواه الإمام أحمد: ” الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ إِلَى الصَّلَاةِ الَّتِي بَعْدَهَا، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا “، قَالَ: ” وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالشَّهْرُ إِلَى الشَّهْرِ – يَعْنِي ‌رَمَضَانَ ‌إِلَى ‌رَمَضَانَ – كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا “، قَالَ: ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ” إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ – قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ حَدَثَ -: إِلَّا مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللهِ، وَنَكْثِ الصَّفْقَةِ، وَتَرْكِ السُّنَّةِ “. (8)

فوائد في أسباب مضاعفة الأجور

– إحسان المسلم إسلامه من أسباب مُضاعفة الأجور: قَالَ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ: ‌فَكُلُّ ‌حَسَنَةٍ ‌يَعْمَلُهَا ‌تُكْتَبُ ‌لَهُ ‌بِعَشْرِ ‌أَمْثَالِهَا إلى سبعمائة ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا). (9)

 ومن الأسباب التي تضاعف بسببها الأجور: حصولها في شرف الزمان والمكان (كالصلاة في المسجد الحرام، والعمرة في رمضان).

 حاجة الناس إلى العمل مما يضاعفُ الله به الأجور (كسقيا الماء للعطاش، وإطعام الجياع وكسوة العاري…) وكلما ازدادت الحاجة للعمل ازداد أجره.

وأخيراً:

ينبغي للمسلم المسارعة إلى فعل الخيرات، واغتنام فرصة البقاء على قيد الحياة،  قبل حلول الأجل، والموانع الأخرى.
روى البخاري في صحيحه بأنه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: ‌أَنْ ‌تَصَدَّقَ ‌وَأَنْتَ ‌صَحِيحٌ ‌شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ.». (10)


(1): مسند أحمد (23046).
(2): صحيح مسلم (1563).
(3): صحيح مسلم (2699).
(4): صحيح مسلم (1017).
(5):  صحيح البخاري (1910).
(6): صحيح البخاري (1905).
(7): صحيح مسلم (533).
(8): مسند أحمد (7129).
(9): صحيح البخاري (42).
(10): صحيح البخاري (1419).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.