سلسلة شعب الإيمان | الإيمان باليوم الآخر ج4 | المقالة الثالثة عشرة | د. محمد فايز عوض

أشراط الساعة 

الأشراط لغة جمع شرط بالتحريك، والشرط العلامة، وأشراط الساعة أي علاماتها، 

والساعة: الوقت الذي تقوم فيه القيامة، وقد سميت بذلك لسرعة الحساب فيها، أو لأنها تفاجئ الناس في ساعة فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة.

فأشراط الساعة هي العلامات التي تسبق يوم القيامة وتدل على قدومها هي على ثلاثة أقسام :

      • علامات الساعة التي وقعت ولا تتكرر :

1- بعثة النبي ﷺ:
          أخبر أن بعثته دليل على قرب الساعة، وأنه نبي الساعة، ففي الحديث عن سهل رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «بعثت أنا والساعة كهاتين، ويشير بأصبعيه فيمدهما» رواه البخاري (6503).

2- موت النبي ﷺ:
          من أشراط الساعة موت النبي ، ففي الحديث عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا».

مُوتَانٌ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، الْمُوتَانُ بِوَزْنِ الْبُطْلَانِ : الْمَوْتُ الْكَثِيرُ الْوُقُوعِ .
مُوتَانٌ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، الْقُعَاصُ – بِالضَّمِّ – : دَاءٌ يَأْخُذُ الْغَنَمَ لَا يُلْبِثُهَا أَنْ تَمُوتَ . غَايَةً ” الْغَايَةُ وَالرَّايَةُ سَوَاءٌ .

3- انشقاق القمر:
          اتفق العلماء على أن القمر قد انشق في عهد رسول الله وأن انشقاقه إحدى المعجزات الباهرة، وقد صرح القرآن بهذا في قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ


4- نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى:
          عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناق الإبل ببصرى» رواه البخاري (7118)، ومسلم (2902)..
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم في وصفها.

5- فتح بيت المقدس:
          ومن أشراط الساعة فتح بيت المقدس، فقد جاء في حديث عوف بن مالك رضي الله عنه المتقدم
ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة كما ذهب إلى ذلك أئمة السير، فقد ذهب عمر رضي الله عنه بنفسه، وصالح أهلها، وفتحها، وطهرها من اليهود والنصارى، وبنى بها مسجداً في قبلة بيت المقدس.

6- طاعون عمواس: [1]
          كما في حديث عوف بن مالك رضي الله عنه المتقدم ، قال ابن حجر: :يقال أن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر، وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس”.
ففي سنة ثمان عشرة للهجرة على المشهور الذي عليه الجمهور وقع طاعون في كورة عمواس، ثم انتشر في أرض الشام، فمات فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم، ومن غيرهم، قيل: بلغ عدد من مات فيه – خمسة وعشرون ألفا من المسلمين، ومات فيه من المشهورين أبو عبيدة عامر الجراح أمين هذه الأمة رضي الله عنه.


      • العلامات التي وقعت وهي مستمرة أو وقعت مرة ويمكن أن تتكرر

أ- خروج الدجالين أدعياء النبوة:
          في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: «لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين. كلهم يزعم أنه رسول الله» رواه البخاري (3609)، ومسلم (157)

ب- ظهور الفتن:
          روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً, أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً, يبيع دينه بعرض من الدنيا».

ت- إسناد الأمر إلى غير أهله:
          عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما النبي ﷺ في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله ﷺ يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل عن الساعة. قال: ها أنا يا رسول الله قال: فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» رواه البخاري (59).

ث- اتباع سنن الأمم الماضية:
          ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبراً بشبر, وذراعاً بذراع. فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك» رواه البخاري.

جـ- ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان:
          كما في حديث جبريل «قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا ، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ».

حـ- ضياع الأمانة:
          عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».

خـ- قبض العلم وظهور الجهل وانتشار الزنا:
          عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا». رواه البخاري (80)، ومسلم (2671).

د- انتشار الربا:
          ومنها ظهور الربا وانتشاره بين الناس, وعدم المبالاة بأكل الحرام، ففي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي أنه قال: «بين يدي الساعة يظهر الربا».
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «ليأتين على الناس زمان، لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام».

ر- كثرة شرب الخمر واستحلالها:
          عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا». رواه البخاري (80)، ومسلم (2671).

ز- زخرفة المساجد والتباهي بها:
          فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)) وفي رواية للنسائي وابن خزيمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((ومن أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد».

س- تقارب الزمن:
          وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة».

وللعلماء أقوال في المراد بتقارب الزمان منها:

  1. أن المراد بذلك قلة البركة في الزمان.
  2. أن المراد تقارب أحوال أهله في قلة الدين حتى لا يكون منهم من يأمر بمعروف وينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله وذلك عند ترك طلب العلم خاصة والرضى بالجهل, 
  3. أن المراد تقارب أهل الزمان بسبب توفر وسائل الاتصالات والمراكب الأرضية والجوية السريعة التي قربت البعيد   .
  4. أن المراد بذلك هو قصر الزمان وسرعته سرعة حقيقية وذلك في آخر الزمان, 

ش- كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق.
          عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ ، – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ….قَطْعَ الْأَرْحَامِ وَظُهُورَ شَهَادَةِ الزُّورِ ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ» رواه أحمد

      • علامات الساعة الكبرى 

(1) الدجال:
          وخروجه من أعظم الفتن؛ لما ثبت في الحديث قال رسول الله : «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال»
وقد بين لنا النبي صفات الدجال، وفتنته، ومكان خروجه، ومقدار لبثه في الأرض، ومقتله.
فمن ذلك قوله : «ما من نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر»؛ رواه البخاري، ورواه مسلم وزاد: ثم “تهجاها: ك ف ر”.

(2) وأما عن نزول عيسى:
          فقد وردت في ذلك الأحاديث، وقد تقدم شيء من ذلك في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، و فيه «فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي بصره، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدٍّ، فيقتله، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة…»؛ و”مهرودتان”: ثوبان مصبوغتان.

          وأنه ينزل في آخر أيام الدجال،  وأول ما يفعله عيسى: أنه يقتل الدجال بباب لُدٍّ، ثم بعد ذلك يحكم بشريعة القرآن.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها».

          وتستمر مدة عيسى في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، كما ثبت في سنن أبي داود عن أبي هريرة، وفيه: «فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون».

          وفي زمنه وبعده يعم الرخاء، ويكثر الخير؛ ففي الحديث: «طوبى لعيش بعد المسيح، يؤذن للسماء في المطر، ويؤذن للأرض في النبات، حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت، وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره، ولا تشاحن، ولا تحاسد، ولا تباغض».

(3) خروج يأجوج ومأجوج:
          وفي زمن عيسى يخرج يأجوج ومأجوج، كما ثبت ذلك في حديث النواس بن سمعان عند مسلم، وقد تقدم أوله عند ذكر الدجال، وفي آخره: «ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى، أي: قتلى، كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ يأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُرِ، فعليهم تقوم الساعة».

          و”النغف”: دودٌ يكون في أنوف الإبل والغنم، و”البخت”: جمال طويلة الأعناق، “لا يكن منه”: لا يحتجب، ومعنى “كالزلفة” أي: كالمرآة، و”الرسل”: هو اللبن الذي يحلب، و”اللقحة”: هي التي تحلب، و”تهارج الحُمُر”: هو اجتماع الرجال والنساء علانية بحضرة الناس.

(4) الدخان:
          العلامة الرابعة: “الدخان”، قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ۞ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الدخان: 10، 11]
وثبت في الحديث عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إن ربكم أنذركم ثلاثًا: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية: الدابة، والثالثة: الدجال».

(5) طلوع الشمس من مغربها:
          ثبت في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله يقول: «إن أول الآيات خروج الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبًا».

والمقصود بأولها إما أن يكون المراد بعد فتنة يأجوج ومأجوج، وبذلك لا تتعارض مع الأحاديث التي تبين أن أولها الدجال، وإما أنها أول العلامات المؤذنة بتغير أحوال الأرض.
قال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: 158].

          وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله : «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا».
فإذا طلعت الشمس من مغربها، أغلق باب التوبة؛ لما ثبت في الصحيح: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه».

(6) خروج الدابة:
          قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ [النمل: 82].
ووقت خروجها قريب جدًّا لطلوع الشمس من مغربها، كما تقدم، ويكون في وقت الضحى.

          وأصح ما ورد في الحديث عن أحوالها: ما رواه أحمد في مسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي «تخرج الدابة، فتسم الناس على خراطيمهم، ثم يعمرن فيكم حتى يشتري الرجل البعير، فيقول: ممن اشتريته؟ فيقول: اشتريته من أحد المخطمين».
معنى “تسم الناس على خراطيمهم”: تجعل علامة على أنوفهم.

(7­، 8،­ 9) ثلاث خسفات
          وذلك لما تقدم في حديث حذيفة بن أسيد، وفيه قال رسول «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ. قَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ….»؛ الحديث، ولم يرد ما يفصل هذه الخسوف أو ماذا يحدث فيها.

(10) النار التي تحشر الناس
          وهي آخر العلامات، كما ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ: اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا».

ومعنى: “تقيل”: من القيلولة، وهي النوم وسط النهار.


      • ثمرات الإيمان بأشراط الساعة

          إن قيام الساعة الذي يعني نهاية هذا العالم، هو من أعظم الأحداث بعد خلق العالم، بل إن تغيير النظام الكوني وإيجاد نظام آخر حدث يعدل خلق العالم أول مرة؛ ولذلك تسبقه أحداث كبرى خارقة للعادة، تكون كالمقدمة له. ولهذا الإيمان ثمرات وفوائد نحاول أن نجملها فيما يلي:

* أولاً: تحقيق ركن من أركان الإيمان الستة، وهو الإيمان باليوم الآخر، باعتبار أن أشراط الساعة من مقدماته، 

* ثانياً: إشباع الرغبة الفطرية في الإنسان التي تتطلع لاستكشاف ما غاب عنه، واستطلاع ما يحدث في المستقبل من وقائع وكائنات، 

* ثالثاً: أن الإخبار عن الغيوب المستقبلة – باعتبار ما فيها من خرقٍ للعادة – من أهم دلائل النبوة؛ حيث إنها تتضمن تحدياً لعقول البشر أجمعين، فهذه أمور غيبية لا تدرك بالعقل، ولا يمكن معرفة كنهها على الحقيقة إلا من خلال الوحي الصادق من الله تعالى، إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، 

* رابعاً: تعلم الكيفية الصحيحة التي دلنا عليها رسول الله ، كي نتعامل بها مع بعض الأحداث المقبلة التي قد يلتبس علينا وجه الحق فيها.

الحكمة في تقديم أشراط الساعة ودلالة الناس عليها:

ثبت في حديث جبريل المشهور أنه قال لرسول الله : «فأخبرني عن الساعة، فقال ﷺ: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها»  (24) وفي رواية قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها…» 

 (والحكمة في تقدم الأشراط إيقاظ الغافلين، وحثهم على التوبة والاستعداد)  

ونقل القرطبي رحمه الله عن العلماء قولهم: (والحكمة في تقديم الأشراط ودلالة الناس عليها، تنبيه الناس عن رقدتهم، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة قد نظروا لأنفسهم, وانقطعوا عن الدنيا، واستعدوا للساعة الموعود بها، والله أعلم، وتلك الأشراط علامة لانتهاء الدنيا وانقضائها)  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 [1] تقع قرية عمواس في فلسطين على بعد 25 كيلومتراً شمالي غرب مدينة القدس المحتلة، إلى الجنوب الشرقي من يافا بمسيرة نحو 28 كيلومتراً عنها. يبلغ ارتفاع القرية نحو 200 متر عن سطح البحر ومساحتها 148 دونماً.