سؤال: هل يعد ترك الصلاة من المسلم كفراً؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. باسم عيتاني

السؤال

هل يعد ترك الصلاة من المسلم كفراً؟

الجواب

 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

      تعتبر الصلاة من أركان الدين الأساسية، فقد جاءت بالرتبة الثانية مباشرة بعد شهادة أن لا إلا الله وأن محمداً رسول الله، كما ثبت في حديث جبريل عليه السلام عندما كان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فأجابه : “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رَسُول اللَّهِ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا” وهناك نصوص كثيرة من الكتاب العظيم والسنة الشريفة تدل على أهمية الصلاة وعلى الحفاظ عليها والحث والترغيب على المواظبة عليها، والترهيب والتخويف على تركها.

      فالمسلم الذي ترك الصلاة عمداً كسلاً وهو مقر بوجوبها لا يعد كفراً، كترك فرض الصيام وترك فرض الزكاة وترك فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً بل يعتبر فسقاً [1] وكبيرة من الكبائر العظمى، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره وأن يقضي ما فاته من الصلوات ولو كثرت.

      وقد استدل الحنفية على مذهبهم وهو رأي جماهير الأمة بعدم كفر تارك الصلاة تهاوناً من الآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: 48] فالله تعالى يغفر لمن شاء جميع الذنوب ما عدا الشرك فترك الصلاة عمداً وتهاوناً هي دون الشرك ولا تعد شركاً.

      وأما الحديث الوارد: “إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر”  وأمثاله، فهي من باب الترهيب والتخويف، وليس من باب الحكم على الكفر المخرج من الملة، والمعنى أن من تركها فقد تمثل بأهل الكفر لأن العلامة الفارقة بين الكافر والمسلم في العمل الصلاة، ويوجد أمثال ذلك كثير من الأحاديث: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» فمن المعلوم الاقتتال فيما بين المسلمين كبيرة من الكبائر وليس كفراً أي: لا ترجعوا بعدي كحالة أهل الكفر يقتتلون فيما بينهم كما كان أهل الجاهلية يفعلون.

      فالمسلم يُستغرَب منه ترك الصلاة، فهي عماد الدين وأول ما يسأل عنه العبد بعد الإيمان في القبر هي الصلاة، فنحث ونشجع الشباب والشابات والرجال والنساء بالمواظبة على الصلاة وعدم تركها، فمن حافظ عليها كانت له نوراً ونجاة يوم القيامة. 


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. باسم عيتاني، وتمت مراجعة الإجابة من قبل الشيخ فراز رباني.

الشيخ د. باسم عيتاني من علماء لبنان، حاصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005.
من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس، الشيخ عبد الرحمن الشاغوري، الشيخ عبد الرزاق الحلبي، د. مصطفى البغا، د. وهبي الزحيلي، د. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعاً.
لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية والإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظر حاشية ابن عابدين، 1/ 351