توجيه النبيه لمرضاة باريه (٣٣) سلسلة توجيهات وتنبيهات في تصحيح مسار الدعوة يبينها ويطرحها الحبيب عمر

توجيه النبيه لمرضاة باريه هو عبارة عن سلسلة من التوجيهات المهمة في مجال الدعوة يشرحها المربي الحبيب عمر.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

التهيؤ للوفاء بالعهود يظهر معاني نداء الأذان

 

وقال رضي الله عنه ونفعنا به: يجب أن تأخذوا في بالِكم بعضَ المقصود من مهامكم في خدمة هذا الدين وهذه الدعوة، وأن تتهيَّئُوا مع من حواليكم مِن كل مَن تقدرون عليه، أو تقدرون على الإفادة أو الاستفادة منه لأحوال قُربٍ من الرب والصلة به، تحملكم على صدق الوفاء بالعهد ببذل الأرواح والأنفس والأموال في نصرة هذا الدين.
لا بد أن نتهيَّأ للوفاء بالعهود، ونهيِّئ مَن حَوالينا، ونطرق أبواب التقرُّب وتزكية النفوس حتى نكون على قدم ثابت في الوفاء بعهد الله، بأن نكون مستعدين لبذل الأنفس والأرواح والأموال في أي وقت.
ولا بد بعد ظلام الليل من نور الفجر، والأمة الآن في مثل ظهور الفجر الكاذب يختفي فيظهر بعد الفجر الصادق وهذه بداياته، فكاذب الفجر يبدو قبل صادقه، ينتشر ويقوى، فيقال: طلعت الشمس وذهب الليل.
بعد ذلك يعرف الكل معنى: الله أكبر، ومعنى: أشهد أن محمدًا رسول الله، ومعنى: الصلاة خير من النوم، ومعنى: حي على الصلاة، حي على الفلاح.
ربُّكم يختار مَن يريد، فعلينا أن نتعرَّض لفضله، ونعلم أنه سيختار جندًا ينسبهم إلى نفسه ويضيفهم إلى حضرته ويقول عنهم {وَإِنَّ جُندَنَا} [الصافات: ١٧٣]، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١] إحاطة بها، بل كل جندي من جنود الله صحَّت له الجندية فلا يعلم فضل الله عليه إلا الله، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} [السجدة: ١٧]، لا بد أن يُحقَّق الوعد، ويُخذَل الوغد، وينتفي البُعد، ويحق السعد.
الرسالة ما هي هُزُؤٌ ولا سخرية، ولا هزلٌ ولا كذب، هذه رسالة محمد أصدق الناس لهجةً، ومواعيدها حقٌّ لا ريب فيها، نحن إن شاء الله خُدَّامها، ورجال التصديق بها، والعمل لها، والسير في دربها، والاستضاءة بنورها، وإنْ ضحكَ مَن ضحك أو سخر مَن سخر، وقد قال سيدنا نوح {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [هود: ٣٨- ٣٩]، و {عندَ الصباحِ يَحمدُ القومَ السُّرَى}[1]، و {عند جُهينة الخبرُ اليقين}[2]، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: ١٤] {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: ٦].

 

[1] من قول عبد الله بن رواحة:
عندَ الصباحِ يَحمدُ القومُ السُّرَى وتنجلي عنهم غياباتُ الكَرَى
[2] رواه الخطيب عن ابن عمر.