توجيه النبيه لمرضاة باريه (٢٤) سلسلة توجيهات وتنبيهات في تصحيح مسار الدعوة يبينها ويطرحها الحبيب عمر

توجيه النبيه لمرضاة باريه هو عبارة عن سلسلة من التوجيهات المهمة في مجال الدعوة يشرحها المربي الحبيب عمر.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

معرفة عظمة الله تُثمِر معرفة حق الدعوة

 

وقال رضي الله عنه ونفعنا به: ما عرف حقَّ الدعوة من لم يعرف عظمة المعطِي، إلى حدٍّ يستشعر أن المطلوب منه ارتقاءٌ إلى مراتب ما لها تكييف ولا حصْرٌ ولا حدٌّ، فما عرف حقَّ الدعوة مَن قنع بالقليل في ميادينها، ولا مَنِ ارتضى بأدنى الدرجات في أحوالها.
مَن لم يعلم أنه يمكن أن تواجهه في النفس بعظيم المِنَن من الله نفيس فليس عنده في فهم الدعوة حُسن تأسيس، والميدان ما أَنْفسَه وما أوسَعَه.
وحقيقةُ الدعوة التي يترتب عليها الخير الأكبر للأُمة في هذا الزمان، من دون تحصيل طلب صادق في مشابهة تامة للصَّحْب الأوائل أنفسهم لا تقوم، إنما تقوم حقائق الدعوة التي ينتفع بها العالم في هذا القرن على مظاهر اصطفاءات الله لقلوب تَصدُق حتى تتهيَّأ لإرث الصحابة في وِجهاتهم ومحباتهم وتفانيهم وتضحياتهم وذِلَّتهم وخشيتهم وإنابتهم، ورهبانية ليلهم، وفُرسانية نهارهم.
والعين التي نظرت إليهم ذاك الزمان هي الناظرة في هذا القرن أيضًا، واللهِ ما نقص من نظرها شيء، لكن النواقص عندنا، عند أهل هذا الزمان وأهل هذا القرن، مع يقين أن الحق سيختار بلا مِرْية، وسيبرز أقوام في هذا الزمان يصطفيهم ويجتبيهم ويرتضيهم ويُدْنِيهم ويُصافِيهم ويذيقهم حلاوة جُوده، وفَهْم خطابه، وصِلَات صافية قوية به وبنَبِيِّه لا تكاد تُخيَّلُ، هذا الصنف إرادةٌ من الحق تعالى ستُظهِرهم.
والشأن أن الواحد منا لا يتخلفْ ولا يرضَه يمكن قَولُ هذا الكلام بكل طمأنينة وبكل ثقة، مع أن أكثر أفكار المسلمين لا زالت في انحطاط، ومع أن عامة ما يدور بينهم إلى الهبوط أقرب، مع هذا كله فيمكن أن نقول هذا الكلام بكل طمأنينة، وبكل ثقة، وبكل يقين، وبكل استقرار.