بسبب مشاكل عائلية بيني وبين بعض إخوتي، أجد في نفسي حنقاً عليهم وعدم شعور بمودتهم، كيف أتخلص من هذا الشعور؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

بسبب مشاكل عائلية بيني وبين بعض إخوتي، أجد في نفسي حنقاً عليهم وعدم شعور بمودتهم، كيف أتخلص من هذا الشعور؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

من عادة البشر أنهم يغضبون بسبب ما يحدث في العائلة من المشاكل،  ولكن الواجب على المسلم العمل على تجاوز هذه المشاعر، حفاظاً على العلاقات الأسرية سليمة مما يعكر صفوها، وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك في ذلك:

أولاً: تذكر حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما قِيلَ له: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ ‌مَخْمُومِ ‌الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ» ، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا ‌مَخْمُومُ ‌الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ». (1)

ثانياً: تذكر أن مسامحة الخلق سببٌ لدخول الجنة، وتفكر في الحديث الطويل الذي يقول المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أوله: ” ‌يَطْلُعُ ‌عَلَيْكُمُ ‌الْآنَ ‌رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ” فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ….، وتذكَّر ما فعله عبد الله بن عمرو بن العاص مع هذا الرجل حتى قال أخيراً: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ. قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ”.(2)

ثالثاً: ترك العتاب على ما مضى، وما حصل بين الأقارب ونسيان هذه الأخطاء، وتذكر قول الله تعالى في فضل كظم الغيظ: ﴿‌وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]

رابعاً: حافظ على صيام ثلاثة أيام من كل شهر فهي تشفي القلب من الأحقاد، وتساعد في تهدئة النفس وتخفيف المشاعر السلبية، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ‌يُذْهِبْنَ ‌وَحَرَ ‌الصَّدْرِ “. (3)

خامساً: إفشاء السلام بين أفراد العائلة، فهو ينشر المحبة فيها كما أخبر بذلك المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ ‌إِذَا ‌فَعَلْتُمُوهُ ‌تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .». (4)

سادساً: الصدقة على رحمك الذي بينك وبينه خصومة فهو من أفضل البر، كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّدَقَاتِ، أَيُّهَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: ” عَلَى ‌ذِي ‌الرَّحِمِ ‌الْكَاشِحِ “. (5) قوله: “على ذي الرَّحِم الكاشح”، أي: القاطع المعرض.

وأخيراً: لا يوجد أفضل من دفع السيئة بالحسنة في غسل القلوب من أحقادها، لهذا أنصحك أخي السائل بتطبيق قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ‌ادْفَعْ ‌بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): سنن ابن ماجة (4216).
(2): مسند أحمد (12697).
(3): مسند أحمد (23070).
(4): صحيح مسلم (54).
(5):مسند أحمد (15320).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.