المقال الثالث من سلسلة فقه الطهارة للشيخ عمر حجازي – تراجم أئمة المذهب الحنفي

يقدم فضيلة الشيخ عمر حجازي شرحاً مبسطاً للفقه الحنفي، مقارناً في بعض المواقف بين أحكام المذهب الأساسية وأحكام الفقه الشافعي، ويعد الشرح مدخلاً مناسباً للمبتدئين في قراءة ودراسة الفقه، ولمن أراد الوقوف على أساسيات الدين وأحكام الشريعة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تراجم أئمة المذهب الحنفي

هذا هو المقال الثالث من المقالات المنبثقة عن سلسلة فقه الطهارة، أتناول فيه تراجم أئمة المذهب، الذين أسسوا له، ووضعوا لبناته الأولى، وشيدوا بناءه، وأعني بهم الإمام أبا حنيفة وصاحبيه أبا يوسف ومحمدا رحمهم الله تعالى.

الإمام أبو حنيفة

اسمه: النعمان بن ثابت بن زوطى التيمي، الكوفي، مولى بني تيم بن ثعلبة [1].

أصله: يقال: إنه من أبناء الفرس.

مولده: ولد سنة ثمانين هجرية، في حياة صغار الصحابة. ورأى أنس بن مالك لما قدم الكوفة.

شيوخه: روى عن عطاء بن أبي رباح، وهو أكبر شيوخه وأفضلهم.
وروى عن الشعبي، وهو الذي وجهه إلى الاشتغال بالعلم؛ لما رأى من نجابته. وعن حماد بن أبي سليمان، وبه تفقه.
ولم تثبت روايته عن واحد من الصحابة [2].

تلاميذه: أخذ عنه كثيرون، من أبرزهم: يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وزفر بن الهذيل، والحسن بن زياد اللؤلؤي.

كلمات العلماء في علمه وفقهه:
قال عبد الله بن المبارك: لولا أن الله أعانني بأبي حنيفة وسفيان، كنت كسائر الناس.
وقال مالك: رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته. يريد بذلك قوة حجته، وقدرته على البيان [3].
وقال الشافعي: من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة [4].

عبادته:
عن أسد بن عمرو: أن أبا حنيفة – رحمه الله – صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة.
وقد روي أن أبا حنيفة قرأ القرآن كله في ركعة [5].

صفته وحليته:
عن أبي يوسف قال: كان أبو حنيفة ربعة، من أحسن الناس صورة، وأبلغهم نطقا، وأعذبهم نغمة، وأبينهم عما في نفسه.
وعن حماد بن أبي حنيفة، قال:
كان أبي جميلا، تعلوه سمرة، حسن الهيئة، كثير التعطر، هيوبا، لا يتكلم إلا جوابا، ولا يخوض فيما لا يعنيه [6].
دعوة المنصور له إلى القضاء:
دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء، فامتنع، فقال: أترغب عما نحن فيه؟!
فقال: لا أصلح. قال: كذبت.
قال: فقد حكم أمير المؤمنين عليّ أني لا أصلح، فإن كنتُ كاذبا، فلا أصلح، وإن كنتُ صادقا، فقد أخبرتُكم أني لا أصلح، فحبسه [7].

وفاته:
توفي – رحمه الله – شهيدا مسجونا سنة خمسين ومائة، وله من العمر سبعون سنة، وله مشهد فاخر ببغداد، وعليه قبة عظيمة [8].

الإمام أبو يوسف

اسمه ونسبه: هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، الكوفي.

ولادته:
ولد سنة ثلاث عشرة ومائة.

شيوخه:
حدث عن هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي حنيفة، ولزمه، وتفقه به، وهو أنبل تلامذته، وأعلمهم.

تلاميذه:
تخرج به أئمة: كمحمد بن الحسن، ومعلى بن منصور، وهلال الرأي، وابن سماعة، وعدة.
وحدث عنه: يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأسد بن الفرات، وأحمد بن منيع، وعدد كثير.

ثناء العلماء عليه:
مرض أبو يوسف، فعاده أبو حنيفة، فلما خرج، قال: إن يمت هذا الفتى، فهو أعلم من عليها.
وعن هلال الرأي، قال: كان أبو يوسف يحفظ التفسير، ويحفظ المغازي، وأيام العرب، كان أحد علومه الفقه [9].

عبادته:
قال ابن سماعة: كان ورد أبي يوسف في اليوم مائتي ركعة.

وفاته:
توفي – رحمه الله تعالى – يوم الخميس، خامس ربيع الأول، سنة اثنتين وثمانين ومائة [10].

محمد بن الحسن

هو محمد بن الحسن بن فرقد أبو عبد الله الشيباني الكوفي.

مولده:
ولد بواسط سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

شيوخه:
أخذ عن أبي حنيفة بعض الفقه، وتمم الفقه على أبي يوسف.
وسمع من لفظ مالك سبع مائة حديث.

تلاميذه:
أخذ عنه الشافعي فأكثر جدا، ومحمد بن سماعة، وعيسى بن أبان [11].

علمه وفقهه:
كان الشافعي يقول: لو أنصف الناس الفقهاء لعلموا أنهم لم يروا مثل محمد بن الحسن، ما جالست فقيها قط أفقه منه ولا فتق لساني بالفقه مثله، لقد كان يحسن من الفقه وأسبابه شيئا يعجز عنه الأكابر [12].

وفاته:
مات محمد بن الحسن والكسائي بالري سنة تسع وثمانين ومائة فقال [i] الرشيد: دفنت الفقه والعربية بالري [13].

 

[1] الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، /6/390/.
[2] المرجع السابق /6/391/، وابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار، /1/193/.
[3] المرجع السابق /6/398 – 399/.
[4] الشيرازي، إبراهيم بن علي، طبقات الفقهاء، ص86.
[5] الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، /6/399/.
[6] المرجع السابق /6/399/.
[7] المرجع السابق /6/402/.
[8] المرجع السابق /6/403/.
[9] المرجع السابق /8/536/.
[10] المرجع السابق /8/538/.
[11] المرجع السابق /9/135/، والصَّيْمَري: الحسين بن علي، أخبار أبي حنيفة وأصحابه، ص 132.
[12] المرجع السابق، ص 128.
[13] المرجع السابق، ص 133.